في تطور مقلق يهز الاقتصاد اليمني يومياً، سجل سعر صرف الدولار الأمريكي 536 ريال يمني في أسواق عدن وصنعاء اليوم الثلاثاء، في استمرار لموجة الانهيار التي تضرب العملة المحلية منذ سنوات. هذا الرقم المدمر يعني أن المواطن اليمني يحتاج اليوم إلى أكثر من ضعف ما كان يدفعه قبل الحرب لشراء دولار واحد فقط، في مشهد يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
أحمد، مواطن من صنعاء، يروي معاناته اليومية مع تقلبات الأسعار: "كل صباح أتصل بالصراف لأعرف سعر اليوم، وكل يوم أكتشف أن مدخراتي تنقص أكثر". وبينما يعاني المواطنون من هذا الواقع المرير، تشهد أسواق الصرافة حركة محمومة حيث تتباين الأسعار بين الشراء والبيع بفارق ريالين كاملين للدولار الواحد، مما يحقق أرباحاً استثنائية للمحولين في ظل معاناة الشعب. الريال السعودي لم يكن بمنأى عن هذا الانهيار، حيث وصل سعره إلى 1629 ريال يمني للبيع.
جذور هذه الأزمة تمتد إلى عام 2014 عندما كان الدولار يُباع بـ 215 ريال فقط، أي أن العملة اليمنية فقدت أكثر من نصف قيمتها في غضون عقد من الزمن. الصراع المسلح وانقسام البنك المركزي بين صنعاء وعدن، إضافة إلى تراجع الصادرات النفطية وشح العملة الصعبة، كلها عوامل ساهمت في هذا الانهيار الكارثي. الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن الأسوأ لم يأت بعد، خاصة في ظل استمرار عدم الاستقرار السياسي والأمني.
فاطمة، مغتربة يمنية تعيش في السعودية، تتابع الأسعار يومياً بقلق شديد: "أرسل راتبي لأهلي في اليمن، وكل شهر أجد أن نفس المبلغ يشتري أقل من الشهر السابق". هذا الواقع يعيشه ملايين اليمنيين الذين يواجهون ارتفاعاً مستمراً في أسعار السلع المستوردة، خاصة الأدوية والمواد الغذائية الأساسية. المحللون يتوقعون مزيداً من التدهور قد يصل بسعر الدولار إلى 600 ريال في الأشهر القادمة، ما لم تتدخل القوى الدولية بحلول عاجلة لإنقاذ الاقتصاد اليمني المنهار.
التحذير الرسمي "أسعار الصرف غير ثابتة" الذي تطلقه محلات الصرافة يومياً لا يعكس سوى قمة جبل الجليد من أزمة اقتصادية معقدة تتطلب تدخلاً عاجلاً. مع استمرار هذا الانهيار المدوي، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيصمد المواطن اليمني أمام هذا الكابوس الاقتصادي المتواصل؟