في مشهد صادم يعكس حالة الاقتصاد اليمني المتدهور، سجل جرام الذهب الواحد عيار 21 سعراً قياسياً يصل إلى 200 ألف ريال يمني في أسواق العاصمة الجنوبية عدن - مبلغ يفوق راتب موظف حكومي لثلاثة أشهر كاملة! هذا الرقم الجنوني يضع الذهب في خانة الكماليات المستحيلة لملايين اليمنيين، في حين تتغير الأسعار على مدار الساعة كأمواج عاتية تضرب أحلام العائلات البسيطة.
تفاصيل صادمة تكشف أن فارق 8 آلاف ريال بين سعري الشراء والبيع يحقق للتجار ربحاً فورياً بنسبة 4.17% في العملية الواحدة، بينما تقف أم محمد، ربة منزل من عدن، أمام واجهات محال الذهب وعيناها تفيضان بالدموع: "كنت أحلم بشراء طقم ذهب بسيط لابنتي العروس، لكن جرام واحد الآن يكلف أكثر من خروف كامل للعيد". في المقابل، يبتسم حسام التاجر الذي استثمر في الذهب قبل سنوات: "من اشترى الذهب قبل الحرب حقق أرباحاً تفوق 500% اليوم".
الخبير الاقتصادي د. عبدالله الصرافي يؤكد أن ارتباط الأسعار المحلية بالأسواق العالمية والتوترات الجيوسياسية جعل من الذهب رهينة للتقلبات الخارجية، خاصة مع انهيار قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية. "الذهب يبقى الملاذ الأمثل في ظل عدم الاستقرار، لكن أسعاره اليوم تفوق قدرة المواطن العادي"، يضيف الصرافي. هذا الواقع المرير يعكس مأساة اقتصادية أعمق تجعل من عيار 21 - الأكثر رواجاً في المنطقة - حلماً بعيد المنال.
في أزقة أسواق عدن، حيث يتردد صوت المساومة وصرير الموازين الرقمية، يقضي عبدالرحمن العامل ساعات يومياً في متابعة الأسعار أملاً في انخفاض طفيف قد يمكنه من شراء خاتم بسيط لخطيبته. تأثيرات مدمرة تطال الحياة اليومية تظهر في تأجيل حفلات الزواج وإلغاء طقوس شراء الذهب التقليدية، بينما تنمو سوق الذهب المستعمل كبديل وحيد للأسر متوسطة الدخل. السيناريوهات المقبلة تتراوح بين استقرار نسبي مع تقلبات محدودة، أو كارثة اقتصادية جديدة قد ترفع الأسعار 20% إضافية.
في ظل هذا الواقع الصادم، يبقى السؤال الأهم معلقاً: هل سيصبح الذهب - رمز الفرح والزينة في التراث اليمني - حلماً مستحيلاً للأجيال القادمة؟ الأسعار تتحرك كل دقيقة، والفرصة الوحيدة للاستثمار الآمن تتطلب تخطيطاً مالياً ذكياً وصبراً طويلاً. انتبه: الأسعار المعروضة قابلة للتغيير فورياً، ومعها أحلام الآلاف من الأسر اليمنية.