في تطور صادم يُهدد بشطر اليمن اقتصادياً إلى دولتين، ارتفعت أسعار صرف الدولار لتصل إلى 1629 ريالاً في عدن مقابل 536 ريال فقط في صنعاء - فجوة تتجاوز 200% تُعتبر الأخطر في التاريخ اليمني المعاصر. هذا الانقسام المالي المرعب لا يعني فقط أرقاماً على الورق، بل كارثة حقيقية تدمر حياة ملايين اليمنيين الذين يجدون أنفسهم في بلد واحد بعملتين مختلفتين كالسماء والأرض.
الأرقام الصادمة تكشف حجم المأساة: الدولار الواحد يحتاج 1629 ريال في عدن بينما لا يحتاج سوى 536 ريال في صنعاء - فارق مدمر يصل إلى 1093 ريال للوحدة النقدية الواحدة. أحمد السالمي، مهاجر يمني يعمل في الرياض، يصف معاناته: "أرسل 500 ريال سعودي لأهلي في صنعاء تساوي 70 ألف ريال، لكن لو كانوا في عدن لحصلوا على أكثر من 213 ألف ريال. هذا ظلم لا يُطاق!" الصرافون في كلا المدينتين يؤكدون أن هذه الفجوة الأوسع في تاريخ اليمن الحديث، وأن طوابير المواطنين أمام محلات الصرافة تزداد يومياً وسط حالة من الهلع والإرباك.
هذا الانقسام المالي الخطير ليس وليد اللحظة، بل تراكم لسنوات من الحرب الأهلية المدمرة التي تشطر اليمن منذ 2014. انقسام البنك المركزي اليمني بين صنعاء وعدن، إلى جانب السيطرة على الموانئ التجارية الرئيسية وتوقف إيرادات النفط، خلق واقعاً اقتصادياً معقداً يشبه انقسام ألمانيا الشرقية والغربية في الحرب الباردة. د. محمد الحضرمي، خبير الاقتصاد اليمني، يحذر: "نحن أمام كارثة اقتصادية حقيقية قد تؤدي لانهيار كامل للنسيج الاجتماعي اليمني". التقارير الدولية تشير إلى أن هذا الفارق الأكبر عالمياً بين مناطق دولة واحدة، متجاوزاً حتى الاختلافات بين العملات المختلفة في بعض البلدان.
تأثيرات هذه الكارثة المالية تخترق كل جانب من جوانب الحياة اليمنية: العائلات في صنعاء تجد صعوبة مضاعفة في شراء الأساسيات مقارنة بنظيراتها في عدن، بينما التحويلات المالية من المغتربين اليمنيين تحولت إلى لعبة حظ معقدة حسب المدينة المرسل إليها. فاطمة الشامي، تاجرة في صنعاء، تكشف: "اضطررت لإغلاق متجري لأنني لا أستطيع تحديد أسعار ثابتة للبضائع. كل يوم الأسعار مختلفة!" الخبراء يتوقعون مزيداً من التدهور إذا لم تتدخل القوى الدولية لإيجاد حل عاجل، مع إمكانية وصول الفارق إلى 300% خلال الأشهر المقبلة، مما يهدد بـتكريس انقسام اقتصادي دائم قد يؤدي لولادة دولتين منفصلتين فعلياً.
أمام هذا الواقع المرير، يقف اليمنيون على مفترق طرق اقتصادي خطير قد يحدد مصير بلدهم للأجيال القادمة. المطلوب الآن تحرك دولي عاجل وحلول جذرية لتوحيد السياسة النقدية قبل فوات الأوان. السؤال الذي يؤرق الملايين: هل ستبقى هناك دولة واحدة تُسمى اليمن، أم أننا نشهد ولادة مؤلمة لكيانين اقتصاديين منفصلين إلى الأبد؟