في تطور مثير للجدل هز الوسط الإعلامي خلال الساعات الماضية، انتشر خبر قديم عن إيقاف رحلات النقل عبر منفذ الوديعة كالنار في الهشيم، ليكتشف لاحقاً أنه يعود لشهر إبريل الماضي وليس جديداً كما روّجت له عشرات المواقع. الحقيقة الصادمة: خبر بعمر شهور يثير ذعر آلاف المسافرين في ساعات قليلة، في مشهد يكشف هشاشة المعايير الإعلامية ومخاطر المعلومات المضللة على حياة الناس.
انتشر الخبر المضلل بسرعة البرق عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، حاملاً تفاصيل مثيرة عن 183 حافلة متكدسة في منفذ الوديعة، منها 147 حافلة فارغة تنتظر العودة إلى اليمن. أحمد المسافر، والد لثلاثة أطفال، يروي محنته: "قرأت الخبر صباحاً وألغيت رحلتي فوراً، فقدت رسوم الحجز وأضعت إجازة مدفوعة الأجر." المشهد تكرر مع مئات المسافرين الذين صدقوا الخبر دون تحقق، في حين امتلأت خطوط شركات النقل بالاتصالات المذعورة والاستفسارات العاجلة.
لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً. موقع "يمن برس" كشف زيف الخبر بعد تحقيق دقيق أثبت أن القرار المتداول يعود لشهر إبريل 2025، وليس هناك أي إعلان حديث من هيئة النقل البري في عدن حول توقيف الرحلات حالياً. د. سالم النقل، خبير شؤون النقل البري، يؤكد: "هذه الحادثة تُظهر كيف تنتشر المعلومات الخاطئة مثل الفيروس في عصر الإعلام الرقمي، حيث تكون السرعة أهم من الدقة." الخبر الذي بدأ كتقرير قديم تحول إلى "عاجل" يهدد خطط آلاف الأسر.
التأثير لم يقتصر على المسافرين فحسب، بل امتد ليشمل شركات النقل التي واجهت سيلاً من الاتصالات والإلغاءات. فاطمة العودة، مواطنة يمنية، تصف لحظات الذعر: "قلبي توقف عندما قرأت أن زوجي قد لا يعود كما مخطط له، اتصلت به باكية قبل أن أكتشف أن الخبر كاذب." السيناريو الأسوأ كان قاب قوسين من التحقق: آلاف الأسر تعيد ترتيب خططها، وشركات تخسر حجوزات، واقتصاد النقل يهتز بسبب معلومة خاطئة. الفرص المتاحة الآن تكمن في تطوير آليات تحقق فورية وتدريب أفضل للإعلاميين، لكن التحدي الأكبر يبقى في مقاومة إغراء السبق الإعلامي على حساب الدقة.
في عصر تنتشر فيه المعلومات بسرعة الضوء، تبقى الحقيقة رهينة التحقق والدقة. موقع "يمن برس" أنقذ آلاف المسافرين من قرارات خاطئة، لكن السؤال الأهم يبقى: كم من الأخبار الكاذبة تمر دون كشف؟ الدرس واضح: تحققوا من التاريخ والمصدر قبل أن تغيروا خططكم، فالخبر الذي يبدو "عاجلاً" قد يكون مجرد ماضٍ يتنكر في ثوب الحاضر.