في خطوة تاريخية تهز عالم الطرب العربي، يستعد أكثر من 500 مليون عربي لترقب ليلة استثنائية لن تتكرر، حيث تجتمع للمرة الأولى منذ عقود ثلاث مدارس طربية عربية عريقة على خشبة مسرح واحد. مي فاروق ونور مهنا وفؤاد زبادي يتحدون في "ليلة من روح الزمن الجميل" ضمن موسم الرياض، في حدث يحمل تذاكر محدودة قد تكون آخر فرصة لحضور صناعة التاريخ الطربي المعاصر.
يجمع هذا التحالف الفني الساحر أكثر من 30 سنة خبرة مجتمعة في عالم الطرب الأصيل، حيث ستمتزج عذوبة الطرب المصري مع أصالة الشامي وسحر المدرسة المغربية في مئات الأغاني الكلاسيكية التي شكلت وجدان أجيال كاملة. "كنت أظن أنني لن أسمع هذا النوع من الطرب مرة أخرى بعد رحيل الكبار"، يقول أحمد الطرابيشي، مهندس سوري مقيم في الرياض. ويؤكد د. محمود عفيفي، أستاذ الموسيقى العربية: "هذه ليلة تاريخية ستعيد للطرب العربي بريقه المفقود".
تأتي هذه الأمسية الاستثنائية في إطار استمرار موسم الرياض في ترسيخ مكانته كعاصمة ثقافية جديدة للعالم العربي، مدفوعة برؤية طموحة لإحياء التراث واستثمارات ضخمة في القطاع الثقافي. كأننا نستعيد ليالي الأندلس الذهبية أو أمسيات دار الأوبرا في العصر الملكي، حين كان التراث العربي يتدفق كنهر عذب يروي قلوب الملايين. نقاد الطرب يرون في هذا الحدث نقطة تحول حقيقية قد تعيد كتابة تاريخ الطرب العربي المعاصر بأكمله.
آثار هذه الليلة الاستثنائية تمتد إلى الحياة اليومية للملايين، حيث بدأت محطات الراديو بالفعل في العودة لبث الكلاسيكيات، فيما يزداد الإقبال على تعلم العزف على الآلات الشرقية بشكل ملحوظ. "حجزت تذكرتي من اللحظة الأولى، هذا حلم العمر"، تحكي فاطمة البحريني، معلمة تبلغ 38 عاماً. الخبراء يرون في هذا فرصة ذهبية للاستثمار في صناعة الطرب الأصيل، محذرين في الوقت ذاته من موجة المقلدين التي قد تتبع هذا النجاح.
مع اقتراب الموعد المحدد على مسرح أبوبكر سالم، تبدو كل المؤشرات تشير إلى بداية عصر جديد لإحياء التراث الطربي العربي الأصيل. ثلاثة نجوم، ليلة واحدة، حدث تاريخي قد يُحكى للأجيال القادمة. المقاعد تنفد بسرعة، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون شاهداً على هذه الليلة التي قد تعيد للطرب العربي عرشه المفقود؟