في تطور يهز أركان كرة القدم الأوروبية، انتهت 28 عاماً من الانتظار المؤلم - أي 10,227 يوماً من الأحلام المؤجلة - بـ90 دقيقة سحرية حولت ملعب سان سيرو الأسطوري، معقل الكرة الإيطالية، إلى مسرح لأعظم معجزة في تاريخ النرويج الرياضي. هالاند وأبطاله لم يكتفوا بالفوز، بل حطموا إيطاليا برباعية مدمرة 4-1 في عقر دارها، ليرسموا أجمل قصة نجاح في عالم كرة القدم.
في لحظة تاريخية لن ينساها التاريخ, سجل هالاند هدفين في دقيقتين متتاليتين (78 و79) ليقلب طاولة المباراة رأساً على عقب بعد تقدم إيطالي مبكر. أولاف أندرسن، مشجع نرويجي عمره 55 عاماً سافر من أوسلو خصيصاً لهذه المباراة، روى اللحظة بدموع في عينيه: "انتظرت 28 عاماً لأرى هذا اليوم، شاهدت أولادي يكبرون وهم يحلمون بهذه اللحظة، والآن نحن في كأس العالم!" العلامة الكاملة 24 نقطة من 24 نقطة ممكنة، و37 هدفاً مقابل 5 أهداف مستقبلة فقط - أرقام تبدو من عالم الخيال.
كانتصار الدنمارك المعجز في بطولة أوروبا 1992، تحولت النرويج من حلم مستحيل إلى واقع صادم. آخر مشاركة نرويجية في كأس العالم كانت عام 1998 في فرنسا، عندما كان نصف سكان النرويج الحاليين لم يولدوا بعد. صعود الجيل الذهبي بقيادة هالاند، والاستراتيجية طويلة المدى لتطوير البنية التحتية، جعلا من هذه المعجزة ممكنة. د. فرانكو بارولي، خبير كرة القدم الإيطالي وصف ما حدث قائلاً: "هذه أكبر صدمة في تاريخ التصفيات الأوروبية، إيطاليا انهارت كجبل جليدي تحت شمس النرويج المحرقة."
بينما احتفلت النرويج حتى ساعات الفجر وتوقف العمل رسمياً للاحتفال بالإنجاز التاريخي، عاشت إيطاليا حالة حزن عام لم تشهدها منذ عقود. ماركو روسي، مشجع إيطالي من ميلانو، كان يحلم بحضور مباراة تأهل الأزوري ولكنه شاهد أسوأ كابوس في تاريخهم: "جئت لأحتفل بالتأهل، ولكنني شاهدت نهاية حقبة." الخبراء يتوقعون زيادة ضخمة في الاستثمارات الرياضية النرويجية، بينما تستعد إيطاليا لمراجعة شاملة لاستراتيجيتها الكروية. الفرصة الذهبية أمام اللاعبين النرويجيين للانتقال إلى أندية عالمية، لكن التحدي الحقيقي سيكون إدارة ضغط التوقعات في كأس العالم.
28 عاماً من الأحلام المؤجلة انتهت بحلم تحقق، والنرويج تستعد الآن لكتابة فصل جديد في كأس العالم 2026. بينما تنتظر إيطاليا ملحق التصفيات بقلق، يبقى السؤال الأهم: هل نشهد ولادة قوة كروية جديدة ستهز العالم، أم أن هذا مجرد حلم جميل سينتهي عند أول مباراة في المونديال؟
