في تطور صادم هز القارة الأفريقية بأكملها، كتب منتخب الكونجو الديمقراطية التاريخ بحروف من ذهب عندما أطاح بعملاق نيجيريا بركلات الترجيح، محققاً حلماً انتظره شعب بأكمله لأكثر من نصف قرن. ركلة ترجيح واحدة فقط فصلت بين استمرار الحلم وموته لـ90 مليون شخص، وفي لحظة واحدة، غيّرت قدم شانسيل مبيمبا تاريخ بلد بأكمله إلى الأبد.
في ملعب مولاي الحسن بالرباط، تحت أنظار آلاف المشجعين المتوترين، خاض منتخبا الكونجو ونيجيريا معركة حقيقية للفوز بآخر تذكرة أفريقية للملحق العالمي. النتيجة 1-1 أجبرت الجميع على حبس أنفاسهم لـ120 دقيقة مضنية، قبل أن تحسم ركلات الترجيح القدر بطريقة درامية مذهلة. شانسيل مبيمبا، المدافع الـ27 عاماً، حوّل ضربة قدمه الأخيرة إلى تذكرة ذهبية لحلم جيل كامل، بينما شاهد أحمد النيجيري، مشجع عمره 45 عاماً، أحلام بلاده تتبخر مع كل ركلة مُهدرة من الثلاث التي ضيعها العملاق الأخضر في اللحظات الحاسمة.
منذ عام 1974، والكونجو تطارد حلم العودة للمونديال، حلم تناقلته الأجيال كوصية مقدسة عبر 52 عاماً من الانتظار والألم. نيجيريا دخلت المباراة كفريق مرشح بقوة، محاولة تحقيق المشاركة السابعة في تاريخها والأولى منذ 2018، لكن الكونجو جاءت بقلب جائع وروح لا تعرف المستحيل. كما حدث مع العديد من المفاجآت الأفريقية عبر التاريخ، تثبت القارة السمراء مرة أخرى أن كرة القدم لا تعرف المنطق ولا الحسابات الورقية.
اليوم، من عامل البناء إلى الطبيب، الجميع في الكونجو يتحدث عن شانسيل مبيمبا وركلته التاريخية التي قد تفتح أبواب أميركا أمام حلم شعب بأكمله. فاطمة الكونجولية، التي سافرت من كينشاسا خصيصاً للمباراة، تروي لحظة النصر: "بكيت عندما دخلت الركلة الأخيرة، كأنني أرى والدي يبتسم من السماء." الملحق في مارس المقبل سيكون محطة تاريخية قد تعيد رسم خريطة الكرة الأفريقية، بينما يحتفل الكونجوليون في شوارع كينشاسا، يتساءل النيجيريون في صمت: كيف ضيعنا هذه الفرصة الذهبية مرة أخرى؟
ركلة ترجيح واحدة، حلم شعب، وتاريخ جديد يُكتب بدماء القلوب النابضة بالأمل. الكونجو الديمقراطية تقف الآن على بُعد خطوات قليلة من تحقيق المعجزة الكاملة والعودة إلى كأس العالم بعد غياب دام أكثر من نصف قرن. لكن السؤال الذي يحبس الأنفاس يبقى معلقاً في الهواء: هل ستصمد أعصاب الأسود الكونجولية أمام ضغط الملحق العالمي في مارس المقبل، أم أن قدر أفريقيا سيكتب فصلاً جديداً من فصول المجد المنتظر منذ عقود؟
