في صباح واحد، وفر كل دولار في اليمن على المواطنين 15 ريالاً، بينما العملة اليمنية تعيش حالة انفصام حقيقية: في عدن تساوي ثلث قيمتها في صنعاء. نافذة أمل صغيرة انفتحت اليوم الخميس في سوق الصرف، لكنها قد تنغلق في أي لحظة وسط توقعات بمرحلة من التذبذب الحاد.
شهدت أسواق الصرف في عدن استقراراً نسبياً غير متوقع بعد شهور من التدهور المستمر، حيث سجل الدولار 1617 ريالاً للشراء مقابل 535 ريالاً في صنعاء - فجوة مذهلة تزيد عن 200%. "هذا التحسن نقطة ضوء في نفق مظلم، لكنه يحتاج لدعم حقيقي ومستدام"، يقول د. فؤاد المحمدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن. خالد الصراف من سوق الظليل بعدن تمكن من توقع هذا التحسن: "رأيت إشارات خفية في السوق، المضاربة اليوم وفرت علي ربحاً جيداً".
خلف هذا التحسن المفاجئ قصة انهيار مدمر استمر سنوات، حيث فقد الريال اليمني 97% من قيمته منذ بداية الصراع عام 2014. مثل ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، عملة تنهار وشعب يصارع للبقاء، والريال اليمني اليوم مثل مريض في العناية المركزة - أي تحسن صغير يبعث الأمل. تدفق مساعدات دولية محدودة وتدخلات البنك المركزي الطارئة ساهمت في هذا الاستقرار المؤقت، بينما يحذر الخبراء من تفاؤل مبكر.
فاطمة العدنية، أم لثلاثة أطفال، تشعر بارتياح حذر: "كنت أشتري كيلو الأرز بـ800 ريال، اليوم اشتريته بـ750 ريال". هذا التحسن الطفيف في القدرة الشرائية يعني الكثير لعائلات تعاني منذ سنوات، بينما أحمد المقطري، موظف حكومي في عدن براتب 50 ألف ريال، لا يزال يواجه صعوبة في شراء 30 دولاراً لضرورياته. التجار يرحبون بحذر، والاقتصاديون قلقون، والمواطنون يتمسكون بأمل خافت وسط توقعات بتذبذبات جديدة قد تقضي على هذا التحسن الهش.
تحسن محدود في عملة منهارة وسط أزمة شاملة، لكنه يحمل رسالة واضحة: الاقتصاد اليمني لا يزال قادراً على المفاجأة. مستقبل الريال مرتبط بمستقبل الصراع والاستقرار السياسي، والحاجة ملحة للاستعداد للتقلبات والتخطيط المالي الحذر. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يمكن لنقطة ضوء واحدة أن تنير طريق اقتصاد كامل نحو التعافي؟