في تطور يحمل في طياته أصداء عاصفة اقتصادية طويلة الأمد، أبقى البنك المركزي اليمني في صنعاء على أسعار صرف العملات الأجنبية بدون تغيير ليوم الأحد، مثبتاً الدولار عند 530.50 ريال يمني والريال السعودي عند 140 ريال يمني. هذا الثبات المؤقت يأتي وسط تساؤلات حارقة حول مستقبل عملة تنقسم بين بنكين مركزيين في بلد واحد، حيث كل يوم يمر دون حل، كل ريال يفقد من قيمته الحقيقية.
وفقاً للبيان الرسمي المنشور على موقع البنك، تؤكد هذه الأرقام حجم المأساة الاقتصادية التي يعيشها الشعب اليمني، حيث تراجعت قيمة الريال بنسبة تتجاوز 147% منذ بداية الصراع. "البنك يؤكد التزامه بالشفافية من خلال النشر اليومي للأسعار" حسب البيان، بينما يتابع أحمد الصراف، الذي بنى شبكة صرافة ناجحة رغم تقلبات السوق، هذه الأرقام بحذر شديد قائلاً: "كل استقرار مؤقت قد يخفي وراءه عاصفة قادمة".
هذا الاستقرار الحذر يعكس واقعاً أعمق لبلد ينقسم اقتصادياً منذ 2016، مشابهاً لما عاشته ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية عندما انقسم اقتصادها بين شطرين. الحرب الأهلية المستمرة والتدخلات الإقليمية وانقطاع الإيرادات النفطية، كلها عوامل تجعل من أسعار الصرف كميزان حساس يتأثر بأي اهتزاز سياسي فوراً. د. علي الاقتصادي، محلل الشؤون النقدية في جامعة صنعاء، يحذر من أن "تعميق الانقسام الاقتصادي مع طول أمد الصراع يصبح أكثر تعقيداً مع كل يوم يمر".
في الشوارع اليمنية، تترجم هذه الأرقام إلى واقع يومي قاس تعيشه أم محمد، ربة البيت في صنعاء، التي تكافح لشراء الأساسيات وسط ارتفاع الأسعار المستمر. كل مواطن يمني أصبح يحسب حساب الريال قبل كل عملية شراء، بينما يتوقع الخبراء استمرار الضغوط التضخمية مع أي تطور سياسي جديد. خالد التاجر، الذي يتابع أسعار الصرف يومياً لضمان استمرار تجارته، يعبر عن قلقه قائلاً: "الاستقرار اليوم لا يعني أماناً غداً في ظل هذا الانقسام المدمر".
الآن وبينما تبقى الأرقام ثابتة على الورق، يبقى السؤال الأهم معلقاً في أذهان الملايين: كم من الوقت يمكن لاقتصاد منقسم أن يصمد قبل الانهيار الكامل؟ مستقبل العملة اليمنية مرتبط بمصير الوحدة السياسية، وعلى المواطنين متابعة الأسعار والاستعداد لأي تغييرات مفاجئة قد تقلب الموازين. في عالم تتسارع فيه التطورات، قد يكون الهدوء الحالي مجرد صمت ما قبل العاصفة.
