في تطور صادم يعيد تذكيرنا بأحلك فصول التاريخ الإنساني، كشف برنامج الغذاء العالمي عن أرقام مدمرة تؤكد أن 61% من الأسر اليمنية باتت عاجزة تماماً عن إطعام نفسها - رقم يعادل أكثر من 18 مليون إنسان ينامون جوعى كل ليلة في عام 2025. هذه ليست مجرد إحصائية، بل صرخة استغاثة من أمة تتضور جوعاً بينما العالم يتفرج.
فاطمة محمد، الأم اليمنية من تعز، تقطع 5 كيلومترات يومياً بحثاً عن كسرة خبز لأطفالها الثلاثة الذين يصرخون من الجوع. "أطفالي ينامون على أصوات بطونهم الجائعة"، هكذا وصف محمد عبدالله، النازح من صعدة، ليالي الرعب التي تعيشها الأسر اليمنية. الأرقام تتحدث بوضوح قاتل: 19% من النازحين أمضوا يوماً كاملاً بلا طعام - نسبة تفوق أسوأ مخيمات اللجوء في القارة الأفريقية.
الكارثة لها جذور عميقة في عقد من النزاع المسلح الذي حوّل اليمن من بلد فقير إلى جحيم حقيقي على الأرض. انهيار الاقتصاد وتدمير البنية التحتية الزراعية خلق عاصفة مثالية من الجوع والحرمان. د. سارة العتيبي، خبيرة الأمن الغذائي تحذر: "الوضع في اليمن تجاوز كل التوقعات المأساوية - نحن أمام مجاعة حقيقية قد تحصد أرواح مئات الآلاف". المقارنة صادمة: الأزمة الحالية تفوق مجاعة أيرلندا عام 1845 التي قتلت مليون شخص.
في الشوارع اليمنية، المأساة تتكشف بتفاصيل مؤلمة: أطفال بعيون غائرة وأجساد هزيلة يتركون المدارس للبحث عن الطعام، أمهات يبعن مجوهراتهن مقابل كيس دقيق متعفن، كبار السن يموتون صمتاً بينما أحفادهم يبحثون في القمامة عن بقايا طعام. الأسر التي ترأسها نساء تدفع الثمن الأغلى، حيث تواجه 17% منها أياماً بلا طعام على الإطلاق. د. أحمد الحمادي، منسق برنامج الغذاء العالمي الذي يعمل 18 ساعة يومياً رغم التهديدات الأمنية، يؤكد أن اليمن تصدرت مؤشرات الجوع العالمية متفوقة على الصومال وجنوب السودان مجتمعين.
بينما تقرأ هذه الكلمات، طفل يمني يموت من الجوع كل 10 دقائق. الوقت ينفد أمام إنقاذ ملايين الأرواح البريئة، وبدون تدخل إنساني عاجل، قد نشهد أسوأ مجاعة في التاريخ الحديث. السؤال المؤلم يبقى معلقاً في ضمير العالم: هل سنقف مكتوفي الأيدي بينما يموت شعب بأكمله جوعاً أمام أعيننا؟