الرئيسية / مال وأعمال / عاجل: فارق جنوني 1083 ريال بين صنعاء وعدن… لماذا انقسم الريال اليمني إلى نصفين؟
عاجل: فارق جنوني 1083 ريال بين صنعاء وعدن… لماذا انقسم الريال اليمني إلى نصفين؟

عاجل: فارق جنوني 1083 ريال بين صنعاء وعدن… لماذا انقسم الريال اليمني إلى نصفين؟

نشر: verified icon مروان الظفاري 15 سبتمبر 2025 الساعة 05:05 صباحاً

في مشهد مذهل لم تشهده عملة واحدة في التاريخ الحديث، سجلت أسعار صرف الريال اليمني فجوة جنونية تصل إلى 1083 ريال بين صنعاء وعدن لليوم الواحد - فارق يعادل راتب موظف حكومي لشهرين كاملين! في صنعاء يشتري المواطن الدولار بـ534 ريال، بينما يحتاج نظيره في عدن إلى 1617 ريال للدولار ذاته، في انهيار يصل لنسبة 203% يعني أن ريالك الواحد في صنعاء يساوي ثلاثة ريالات في عدن. الخبراء يحذرون: هذا ليس مجرد تذبذب عادي، بل انقسام اقتصادي حقيقي قد يدمر ما تبقى من الوحدة النقدية.

أحمد محمد، موظف حكومي يبلغ 45 عاماً من تعز يعمل في عدن، يروي مأساته بصوت مختنق: "راتبي الشهري أصبح لا يكفي لدفع إيجار البيت، أطفالي يسألونني لماذا لا نشتري اللحم كما كنا نفعل، ولا أجد جواباً". هذا المشهد يتكرر في آلاف البيوت اليمنية، حيث تحولت عملية التسوق البسيطة إلى كابوس حقيقي. في المقابل، تحكي فاطمة علي، التاجرة الذكية من صنعاء، كيف استطاعت مضاعفة أرباحها: "أشتري السلع من صنعاء وأبيعها في عدن، فرق الأسعار يحقق لي أرباحاً خيالية". الدكتور محمد الحميري، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن هذا التباين الهائل يعكس انهياراً في المنظومة النقدية الكاملة.

الأزمة لم تولد من فراغ، بل هي تراكم لسنوات من الحرب المدمرة التي قسمت اليمن إلى كيانين سياسيين منفصلين، كل منهما يدير بنكاً مركزياً منفصلاً. انقسام البنك المركزي اليمني عام 2016 كان بداية الكارثة، تبعه تجميد الأصول الخارجية وتوقف عائدات النفط التي كانت تشكل 70% من إيرادات الدولة. العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي فاقما الوضع، بينما تكاليف الحرب التي تقدر بمليارات الدولارات سنوياً استنزفت ما تبقى من احتياطيات. المقارنة مع انهيار الليرة اللبنانية في 2019 تبدو متواضعة أمام الكارثة اليمنية - ففي لبنان انهارت عملة واحدة، بينما في اليمن انقسمت عملة واحدة إلى نصفين مختلفين تماماً.

في الأسواق الشعبية، تحولت عملية شراء الخبز إلى مهمة معقدة تتطلب حقائب مليئة بالأوراق النقدية. سالم أحمد، صراف في عدن، يصف المشهد المؤلم: "المواطنون يأتون إلينا وهم يبكون، البعض يحمل راتب الشهر كاملاً ولا يكفي لأسبوع واحد فقط". الوضع أجبر الآلاف على الهجرة الداخلية من عدن إلى صنعاء بحثاً عن قوة شرائية أفضل، بينما توقفت مشاريع تجارية كاملة عن العمل. الخبراء يتوقعون سيناريوهات أكثر قتامة: إما توحيد السياسة النقدية عبر اتفاق سياسي عاجل، أو انهيار كامل للريال اليمني واللجوء إلى عملات أجنبية. النصيحة الذهبية للمواطنين: تنويع المدخرات فوراً بين الذهب والعقار والعملات الأجنبية، وتجنب الاحتفاظ بمبالغ كبيرة بالريال اليمني.

في نهاية هذا المشهد المأساوي، يطرح سؤال مصيري: هل سينجو الريال اليمني من الانهيار الكامل عبر معجزة سياسية توحد البلاد، أم أننا أمام لحظة تاريخية تشهد موت عملة وطنية وولادة نظام نقدي مقسم إلى الأبد؟ الساعات القادمة قد تحمل الإجابة، لكن الثابت أن كل يوم تأخير في الحل يعني معاناة أكبر لملايين اليمنيين الذين يدفعون ثمن أزمة لم يصنعوها. المطلوب الآن ليس مجرد إصلاحات اقتصادية، بل إرادة سياسية حقيقية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وحدة وطن على حافة الانهيار الاقتصادي الكامل.

اخر تحديث: 15 سبتمبر 2025 الساعة 07:25 صباحاً
شارك الخبر