في ظل ما يشهده العالم من تغييرات سياسية قادت الكثير من الدول المتخاصمة إلى البحث عن حلول للتقارب مجددا، كشفت إيران عن محادثات قائمة بينها وبين السعودية.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة أمس الاثنين وجود مباحثات سعودية إيرانية، وأشار إلى أنها ركزت على القضايا الثنائية والإقليمية، مستدركا أنه "لا يمكن الخوض أمام وسائل الإعلام في تفاصيل" هذه المباحثات.
وقال مراقبون إن تغير السياسات في منطقة الشرق الأوسط جعلت دول المنطقة تدرك ضرورة التفاهم وتسوية الصراعات، مؤكدين أن المفاوضات قائمة، وربما يكون هناك مقاربة سعودية إيرانية.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، في مؤتمر صحفي، اليوم الثلاثاء: "عبر السنين، دعمنا ورحبنا بالحوار مع جيراننا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، واليوم هناك نوافذ أمل مفتوحة لحل الخلافات بين طهران والرياض"، وذلك حسب وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".
وتابع، "من أجل حل سوء التفاهم والخلافات، عقدت جولتان من المفاوضات بين البلدين حتى الآن. بالإضافة إلى القضايا الثنائية، تمت أيضا مناقشة القضايا الإقليمية، لكننا لا نستطيع الخوض في التفاصيل حتى تنتهي المفاوضات".
وأوضح ربيعي أن "المفاوضات جرت على مستوى الممثلين الخاصين في الحكومة، وستستمر حتى الوصول إلى نتيجة"، مضيفا "نحن مصممون على معالجة كل الخلافات التي تتسبب بإزعاج لدول المنطقة، ونعتقد أن الوقت مناسب الآن لإنهاء هذه الخلافات وإحياء الأمن و حسن الجوار والأخوة بين دول المنطقة".
وفي وقت سابق، أعلن مسؤول في الخارجية السعودية عن إجراء بلاده محادثات مع إيران.
ونقلت "رويترز" عن السفير رائد كريملي، رئيس تخطيط السياسات في وزارة الخارجية السعودية، قوله إن "المحادثات مع إيران تهدف لبحث تخفيف التوتر في المنطقة".
ضرورة التفاهم
اعتبر المحلل السياسي السعودي يحيى التليدي، أن تغير السياسات والتوجهات للقوى العظمى جعل دول منطقة الشرق الأوسط بما فيها السعودية وإيران تدرك جيدًا ضرورة التفاهم حول أمن المنطقة وتسوية الصراعات القائمة لصالح مستقبل المنطقة، مؤكدًا أنه لن يتم ذلك دون مفاوضات مباشرة وصريحة تكون فيها جميع الأطراف قادرة على تقديم تنازلات وعلى خلق اختراقات حقيقية تصنع الفارق.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، المفاوضات مع إيران دوليا تختلف عنها إقليميا فأهل المنطقة أدرى بمشكلاتها وهم المعنيون بها أصالة والإصرار على رفض جلوس السعودية ودول الخليج على طاولة المفاوضات مع إيران في فيينا مؤشر على إمكانية ارتكاب الأخطاء نفسها، فلماذا لا تكون ثمة طاولة مفاوضات جديدة ومختلفة تكون أولويات دول المنطقة فيها مباشرة وبلا وسطاء؟.
بالتأكيد – والكلام لا يزال على لسان التليدي- لا تنفي هذه المفاوضات الإقليمية كل سياسات إيران المعادية للدول العربية، ولكن هناك تفاؤل حذر بأن إيران كدولة جارة بالإمكان حين تتخلى عن التصرفات السلبية أن يتم التعاون معها فيما يخدم بلدان المنطقة وشعوبها.
تفاؤل إيجابي
بدوره كشف الدكتور عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني أن الجانب السعودي هو من طلب أن تکون هذه المحادثات سرية والجانب الإيراني وافق على الموضوع على أساس أن تسريب الموضوع إلى وسائل الإعلام سوف يؤدي إلى وضع المفاوضين تحت ضغط إعلامي يمكن أن يفشل المفاوضات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يبدو أن جهات عراقية كانت متحمسة كي تسرب الموضوع إلى وسائل الإعلام وتعكس صورة وساطة للحكومة العراقية.
ويرى أن في ظل التطورات الإقليمية والدولية وخاصة بعد التغييرات في الولايات المتحدة، هناك أمل على الأقل في ايران بأن تكون هذه المفاوضات إيجابية و تؤدي إلى كسر الجليد بين الجانبين.
وتابع قائلًا: "وبالطبع إذا ما حلت الخلافات الإيرانية السعودية فهناك العديد من ملفات المنطقة ممكن أن تحل فيما بعد".
وقبل أيام أعلن الرئيس العراقي، برهم صالح، أن بغداد استضافت أكثر من جولة حوار واحدة بين السعودية وإيران خلال الفترة الماضية
وكانت الخارجية الإيرانية قد قالت الشهر الماضي ردا على طلب التعليق على التقارير الإعلامية التي تحدثت عن إجراء مباحثات إيرانية سعودية في بغداد، إن "ثمة أنباء متضاربة بهذا الشأن".
والشهر الماضي، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في لقاء متلفز، إنه "لا يريد أن يكون وضع إيران صعبا، على العكس يتمنى أن تكون إيران مزدهرة وتنمو... ويكون لدينا مصالح فيها ولديهم مصالح في السعودية، لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار".