في تطور صادم يكشف عمق الأزمة الاقتصادية اليمنية، سجلت أسواق الذهب فروقات مذهلة تصل إلى 206% بين مدينتين يمنيتين، حيث يباع جرام الذهب عيار 21 في عدن بـ200 ألف ريال بينما لا يتجاوز سعره في صنعاء 65,500 ريال. هذا التباين الجنوني يعني أن المشتري يوفر 134,500 ريال عند الشراء من صنعاء - مبلغ يكفي لشراء دراجة نارية جديدة!
"لم أصدق الأرقام عندما رأيتها لأول مرة"، يقول التاجر علي الصنعاني الذي استفاد من هذه الفروق الصادمة وحقق أرباحاً طائلة من التجارة بين المدينتين. وفي المقابل، تحكي فاطمة الحداد من عدن قصة مؤلمة: "بعت مصاغي الذهبي لتغطية نفقات المعيشة وصُدمت عندما اكتشفت أن نفس القطع تُباع في صنعاء بثلث السعر". هذا التباين الجنوني في الأسعار يضرب الاقتصاد اليمني كالزلزال المدمر، تاركاً العائلات في حيرة وقلق مستمر.
جذور هذه الأزمة الصادمة تعود إلى انقسام العملة اليمنية وتعدد السلطات المتحكمة في المدن، في مشهد يذكّر بالانقسام النقدي في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. الصراع السياسي المستمر منذ 2014 خلق واقعاً اقتصادياً معقداً، حيث تتحكم سلطات مختلفة في أسواق مختلفة. الخبراء يحذرون من أن هذا التباين ليس مجرد مشكلة أسعار، بل مؤشر خطير على تفكك الوحدة الاقتصادية الوطنية وانعدام الثقة في النظام المصرفي.
على أرض الواقع، تعاني العائلات اليمنية من صعوبة بالغة في التخطيط المالي، حيث يقول أبو محمد موظف حكومي في عدن: "كنت أحلم بشراء خاتم ذهب لابنتي العروس، لكن الأسعار هنا تفوق راتبي الشهري بأكمله". هذا الواقع المرير يدفع المواطنين للبحث عن بدائل، بينما يستفيد المضاربون من الفوضى الاقتصادية. المحللون يتوقعون مزيداً من عدم الاستقرار مع احتمالية تفاقم الفجوة إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتوحيد الأسواق.
أمام هذا الواقع الصادم، تبرز أسئلة حاسمة حول مستقبل الاقتصاد اليمني: هل سيبقى اليمن اقتصاداً واحداً أم اقتصادين منفصلين؟ الخبراء يؤكدون أن الحل يكمن في التحرك العاجل لتوحيد الأسواق واستعادة الثقة في النظام النقدي. بينما ينتظر ملايين اليمنيين، تستمر أسعار الذهب في كشف عمق الأزمة وحجم التحدي الاقتصادي الذي يواجه البلاد.
