في تطور قد يغير مجرى التاريخ الاقتصادي لليمن، تختار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD - التي تضم 38 دولة من أغنى دول العالم - اليمن لمشروع ثوري لإنقاذ اقتصاد فقد 70% من قيمته. بينما يعيش ملايين اليمنيين كابوساً اقتصادياً يومياً، تلوح في الأفق بارقة أمل قد تعيد الحياة لعملة انهارت والأمل لشعب صامد. المرحلة الثانية من هذا المشروع الاستثنائي ستحدد مصير اقتصاد كامل خلال الأشهر القادمة.
في قاعات البنك المركزي بعدن، جلس د. محمد عمر باناجه نائب المحافظ مع فريق دولي برئاسة د. رفائيل تراباسو من منظمة OECD، ليناقشوا نتائج مذهلة لمشروع "تعزيز القدرة على الصمود الاقتصادي". "نحن في لحظة حاسمة لإنقاذ الاقتصاد" كما صرح مصدر مصرفي مطلع، بينما تكشف التقارير عن مشاركة 3 وزارات رئيسية في هذا المشروع الطموح. سالم المحرمي، موظف بنك يبلغ من العمر 35 عاماً، لا يصدق الأخبار: "فقدت 80% من قيمة راتبي الحقيقي، هل سأرى يوماً عودة الاستقرار؟"
هذا المشروع ليس الأول من نوعه، فكما فعلت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية في إعادة بناء اقتصادها من الرماد، تسعى منظمة OECD لتطبيق نموذج مماثل في اليمن. الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد منذ سنوات، والتي شهدت انهيار الريال وتفاقم معدلات التضخم لتتجاوز 200% في بعض الفترات، تتطلب تدخلاً جراحياً عاجلاً. "إذا نفذت التوصيات بدقة، قد نرى تحسناً ملموساً خلال عامين" يؤكد خبراء اقتصاديون مطلعون على تفاصيل المشروع.
أما التأثير على الحياة اليومية فسيكون مباشراً ومحسوساً. فاطمة الشرعبي، الاقتصادية الشابة التي تعمل على مشاريع إعادة البناء، تتوقع انخفاضاً تدريجياً في أسعار السلع الأساسية وتحسناً في الخدمات المصرفية. بينما يحذر أحمد الحضرمي، وهو تاجر من المحافظة الشرقية: "نحتاج حلول عملية وليس مجرد اجتماعات أخرى". المرحلة الثانية التي تتضمن الدعم الفني والتدريب، ستشهد تشكيل لجنة عليا تضم البنك المركزي ووزارتي التخطيط والتجارة، في خطوة تهدف لضمان التنفيذ الدقيق للتوصيات.
الاقتصاد اليمني اليوم مثل مريض في العناية المركزة يتلقى العلاج المكثف، والأشهر القادمة ستحدد نجاح أو فشل هذه المبادرة الحيوية. على المواطنين والمستثمرين متابعة تطورات المشروع والاستعداد للفرص الجديدة التي قد تطل من نافذة هذا التعاون الدولي الاستثنائي. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل سيكون هذا المشروع بداية النهضة الاقتصادية الحقيقية أم مجرد وعد آخر يضاف لسجل الآمال المؤجلة؟