في تطور مفرح طال انتظاره، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني راشد العليمي أن مئات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين سيحصلون على رواتبهم المتأخرة خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد إيداع المملكة العربية السعودية لأول دفعتين من منحتها المالية للموازنة العامة. هذا الخبر الذي انتشر كالنار في الهشيم عبر المكاتب الحكومية، يحمل بشرى الفرج لآلاف الأسر التي تعيش معاناة يومية بسبب انقطاع الرواتب منذ شهور.
أحمد محمد، موظف في وزارة التعليم وأب لأربعة أطفال، لم يستطع كبح دموع الفرح عند سماع النبأ: "كنت أعيش كابوساً يومياً، أواجه نظرات أطفالي الجائعة دون أن أملك ما أطعمهم إياه". هذا المشهد الإنساني المؤثر يتكرر في آلاف البيوت اليمنية، حيث تحول البيت إلى ساحة صمت مؤلم بدلاً من الضحكات المعتادة. الدعم السعودي جاء مثل المطر بعد قحط طويل، ليروي ظمأ الموظفين الذين صبروا شهوراً دون راتب. فاطمة أحمد، موظفة في وزارة الصحة، تقول بصوت مرتجف: "كنا ننتظر هذا الخبر بفارغ الصبر، وأخيراً سنتمكن من شراء الدواء لأمي المريضة".
تأتي هذه البشرى في سياق أزمة مالية خانقة تعيشها اليمن منذ بداية الصراع عام 2014، حيث أصبح انقطاع الرواتب ظاهرة مؤلمة تتكرر بشكل دوري. الاعتماد على الدعم الخليجي، وخاصة السعودي، أصبح شريان الحياة للدولة اليمنية التي تكافح للوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها. الدكتور محمد الحضرمي، خبير الاقتصاد اليمني، يرى أن "هذا الدعم خطوة مهمة نحو الاستقرار، لكن الحل الجذري يتطلب إنهاء الصراع وإعادة بناء الاقتصاد". التحسن النسبي في الموارد السيادية المذكور في البيان الرسمي يشير إلى بوادر تحسن اقتصادي تدريجي، رغم التحديات الهائلة.
هذا التطور سيغير حياة مئات الآلاف من الأسر اليمنية بشكل فوري، حيث ستتمكن من شراء الضروريات، ودفع فواتير الكهرباء والمياه المتراكمة، وعلاج المرضى الذين أجلوا زياراتهم للطبيب بسبب ضائقتهم المالية. في الأسواق الشعبية، بدأ التجار يستعدون لموجة إقبال متوقعة من المواطنين الذين سيندفعون لشراء احتياجاتهم المؤجلة منذ شهور. النقابات المهنية رحبت بالقرار، معتبرة إياه "إنقاذاً لكرامة الموظف اليمني"، بينما دعت إلى ضمان انتظام الرواتب مستقبلاً لتجنب تكرار هذه المعاناة. التحدي الأكبر يكمن في ضمان استمرارية هذا الدعم وتطوير موارد محلية مستدامة.
مع تأكيد العليمي الرسمي ووضوح الإجراءات الحكومية الجارية، يبدو أن الفرج قريب لآلاف الأسر اليمنية التي عاشت شهوراً من القلق والترقب. الدعم السعودي أثبت مرة أخرى عمق الروابط الأخوية، بينما تحسن الموارد السيادية يبشر بإمكانية تحقيق استقلالية تدريجية. هل ستكون هذه بداية عهد جديد من الاستقرار المالي في اليمن، أم مجرد راحة مؤقتة في رحلة طويلة نحو التعافي الاقتصادي؟