مليون و300 ألف زائر في 10 أيام... رقم يحطم كل الأرقام القياسية في معرض الرياض الدولي للكتاب 2025. ضمن أكبر جامعة نسائية في العالم، تشهد الساحة الثقافية السعودية تحولًا غير مسبوق. إنه ليس مجرد معرض، بل ثورة حقيقية تسعى نحو تغيير خريطة الأدب السعودي إلى الأبد. وبينما تواصل السعودية ترجمة كتابين ونصف يوميًا على الأقل، يقف الأدباء والجمهور على عتبة نهضة محملة بالإثارة والتوقعات.
لم تقتصر احتفاليات معرض الرياض الدولي على كونه مجرد سوق للكتب، بل كان مهرجانًا ثقافياً متكاملًا، بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها هيئة الأدب والنشر والترجمة. بحسب الدكتور عبد اللطيف الواصل, فإن الرؤية تتجه لجعل الثقافة جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية في المملكة. أكثر من 48 ألف متر مربع استضافت هذا المهرجان بحضور لافت لأكثر من مليون وثلاثمئة ألف زائر، مع نمو في الحضور والمبيعات تجاوز 40٪ مقارنة بالعام الماضي. وتحكي "سارة الرياض"، قارئة شابة، عن محاولتها البحث عن رواية "امرأتان"، دون جدوى، لتعكس الرغبات الملحة لدى الجمهور المحلي.
في ضوء التطورات الثقافية في السعودية، يخطو معرض الرياض خطوات واسعة لتحقيق رؤية 2030، التي تهدف لجعل السعودية مركزًا ثقافيًا محوريًا. وبينما تستمر ثلاثية "الدين والجنس والسياسة" كخطوط حمراء، يظهر التوازن بين الانفتاح والقيود كعنصر حساس للأدباء والكتاب في الداخل والخارج. ويؤكد الكاتب الكويتي عبد الله العنزي على تطور حرية الكتابة، قائلاً "سقف الكتابة ارتفع بشكل كبير، ويُستخدم لزيادة الإبداع وليس للحد منه".
ومع التوجه نحو ثقافة القراءة، يلاحظ الأثر البالغ في الحياة اليومية، حيث ينعكس ذلك في زيادة اهتمام العائلات بزيارة المعرض، إضافة إلى جناح الطفل الذي توسع ليضم 2500 متر مربع. تتنافس العائلات لاكتشاف المحتوى الثقافي، بينما يشارك الأطفال في الأنشطة المختلفة. النتيجة: صناعة نشر محلية قوية وجاذبة للاستثمارات الأجنبية رغم التحديات. وتثير ردود الأفعال تباينًا بين الترحيب والحماس من الجمهور وبين تحفظ بعض الكتّاب على الخطوط الحمراء.
ختامًا، تظل الابتسامات الكثيرة دليلًا حيًا على النجاح، لكن بالنظر إلى المستقبل، يبقى السؤال الشائك: "هل ستنجح السعودية في خلق ثورة ثقافية حقيقية تتجاوز الخطوط الحمراء، أم ستبقى الأرقام القياسية مجرد أرقام دون تأثير بعيد المدى؟"