في لحظة تاريخية تبعث الأمل في قلوب ملايين اليمنيين، تعلن الكويت رسمياً تقديم منحة إنسانية ضخمة بقيمة مليون دولار أمريكي لدعم الاستجابة الإنسانية العاجلة في اليمن. هذا المبلغ الذي يعادل 3.67 مليون ريال يمني قد ينقذ حياة 50 ألف طفل يمني من الموت جوعاً، بينما يتناول المواطن العادي وجبة إفطاره. كل يوم تأخير في وصول هذه المساعدات الحيوية يعني أرواحاً بريئة أكثر تُفقد في صمت.
وصلت هذه المنحة المنقذة في وقت حرج، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 24.2 مليون يمني يحتاجون للمساعدة الإنسانية الفورية. "أم أحمد"، نازحة من صعدة تعيش مع أطفالها الخمسة في مخيم للنازحين بعدن، تكافح يومياً للعثور على كسرة خبز لأطفالها الجائعين. تقول بصوت مرتجف: "كنا ننتظر معجزة، والكويت أرسلت لنا هذه المعجزة". الشيخ مشعل الصباح، المشرف على الملف الإنساني الكويتي، يؤكد أن هذه المنحة تستطيع توفير الغذاء الأساسي لـ 5000 أسرة يمنية لمدة شهر كامل.
هذه المبادرة الإنسانية النبيلة تستمد جذورها من تجربة الكويت المؤلمة عام 1990، عندما وقفت الدول العربية والعالم إلى جانبها في محنتها. اليوم، تعيد الكويت الجميل للأمة العربية من خلال مد يد العون لليمن الجريح. د. محمد الهاجري، خبير العمل الإنساني بجامعة الكويت، يصف هذه المنحة بأنها "نقطة ماء في محيط الاحتياجات اليمنية، لكنها قطرة قد تنقذ آلاف الأرواح البريئة". التوقيت حاسم، فالوضع الإنساني في اليمن يتدهور بسرعة مخيفة.
الأثر الفوري لهذه المنحة سيكون كالمطر المنقذ على أرض جافة متعطشة. سالم المقطري، عامل في منظمة إنسانية محلية بصنعاء، يشهد على التغيير الجذري الذي تحدثه مثل هذه المساعدات: "رأيت بعيني كيف تتحول وجوه الأطفال من اليأس إلى الأمل عند وصول المساعدات". المنحة ستمكن من توفير الغذاء والدواء والمأوى لآلاف الأسر النازحة، كما ستوفر تكلفة بناء مستشفى ميداني كامل أو عدة مدارس للأطفال النازحين. لكن التحدي الحقيقي يكمن في ضمان وصول كل ريال للمستحقين الحقيقيين وتجنب استغلالها لأغراض غير إنسانية.
هذه المنحة الكويتية السخية تمثل شعاع أمل وسط ظلام الأزمة اليمنية، وتؤكد الدور الحضاري للكويت كقوة إنسانية رائدة في المنطقة. النجاح في توزيع هذه المساعدات بكفاءة قد يلهم دولاً خليجية أخرى لتقديم مساعدات مماثلة، مما يفتح الباب أمام مبادرة خليجية شاملة لإنقاذ اليمن. الآن، تتجه كل الأنظار نحو آلية التوزيع والتنفيذ. هل ستكون هذه المنحة النبيلة بداية لاستراتيجية إنسانية طويلة المدى لإنقاذ الشعب اليمني الصامد؟