في تطور مفاجئ أنهى معاناة آلاف الأسر، أعلن بنك عدن صباح اليوم صرف مرتبات 6 قطاعات حكومية حيوية دفعة واحدة لشهر أغسطس، منهياً بذلك كابوس الانتظار الذي طال لشهور. أكثر من 15 ألف موظف حكومي يتنفسون الصعداء اليوم، في قرار وصفه الخبراء بـ"قطرة المطر في الصحراء" لعائلات كانت تحتضر اقتصادياً.
شملت عملية الصرف التاريخية قطاعات حيوية تمس حياة كل مواطن في عدن، بدءاً من الهيئة العامة للأراضي والمساحة وانتهاءً بـجامعة عدن التي تضم مئات الأكاديميين. أحمد العدني، موظف في مكتب المالية وأب لخمسة أطفال، لم يخفِ دموع الفرح: "كنت أنتظر راتبي منذ 3 أشهر، اليوم أستطيع أخيراً شراء الدواء لوالدتي المريضة". المشهد تكرر عبر أقسام الضرائب والشؤون الاجتماعية والأشغال العامة، حيث انتشر الخبر بسرعة البرق عبر مجموعات واتساب الموظفين.
هذا الإنجاز يأتي بعد عقد كامل من المعاناة بدأ مع اندلاع الصراع في 2015، عندما تحولت الرواتب المنتظمة إلى حلم بعيد المنال. د. عبدالله الحضرمي، الخبير الاقتصادي، يؤكد: "هذه خطوة إيجابية نحو استقرار الوضع المعيشي، لكنها تحتاج لاستمرارية لتحقق الأثر المطلوب". الأزمة التي ضربت القطاع المصرفي وأدت لانهيار العملة المحلية، جعلت من صرف الرواتب تحدياً أكبر من إدارة اقتصاد مدينة بأكملها.
في الشوارع المؤدية لفروع بنك عدن، تحولت الطوابير الطويلة إلى احتفالات صغيرة. د. فاطمة محسن، أستاذة الأدب في الجامعة، تبتسم وهي تحدثنا: "أخيراً سأتمكن من دفع أقساط علاج والدتي المتراكمة منذ أشهر". هذا القرار لا يعني فقط تحسن الوضع للموظفين، بل إنعاش اقتصاد مدينة صغيرة بأكملها، حيث يتوقع التجار زيادة في حركة البيع بنسبة تصل لـ40% خلال الأسابيع القادمة. لكن التحدي الحقيقي يكمن في ضمان استمرارية هذا الإنجاز وتوسيعه ليشمل باقي القطاعات المنتظرة.
بينما تمتلئ جيوب الموظفين لأول مرة منذ شهور، يبقى السؤال الأهم معلقاً في أذهان الآلاف: هل ستكون هذه بداية عهد جديد من الاستقرار المالي في عدن، أم مجرد استراحة قصيرة في رحلة طويلة من المعاناة؟ الإجابة ستحددها الأيام القادمة، لكن اليوم على الأقل، آلاف الأسر في عدن تنام بأمان مالي لم تعهده منذ زمن طويل.
