في تطور مذهل يهز عالم الجيولوجيا والتاريخ، كشفت دراسة علمية دولية حديثة عن 650 ألف كيلومتر مربع من الأسرار المدفونة في صحراء الربع الخالي - مساحة تفوق فرنسا كاملة! هذه الصحراء القاحلة التي تبدو للوهلة الأولى خالية من الحياة، كانت جنة خضراء نابضة بالحياة قبل 8 ملايين عام، وتحتضن اليوم خمسة كنوز طبيعية وتاريخية تُكشف لأول مرة أمام العالم. قبل أن تطمس العواصف الرملية المزيد من الأدلة، دعونا نكتشف هذه الأسرار المدهشة.
أظهر الفريق الدولي من الباحثين أن المنطقة عاشت على مدار 8 ملايين عام فترات متتالية من الخضرة والازدهار البيئي، حيث احتضنت بحيرة ضخمة كانت مساحتها تعادل ضعف مساحة بحيرة جنيف السويسرية. د. سارة المنصوري، الجيولوجية الإماراتية التي اكتشفت حفريات بحرية نادرة، تؤكد: "وجدنا قواقع وحفريات بحرية مدفونة في أعماق الرمال - دليل قاطع على أن هذه الأرض كانت يوماً قاع بحر عظيم." رائحة الرمل الساخن المختلطة بالملح القديم تحكي قصة ملايين السنين من التحولات الجيولوجية المذهلة.
كما اختفت أتلانتس في أعماق المحيط، اختفت مدينة إرم ذات العماد تحت محيط من الرمال الذهبية. يشير المؤرخون إلى أن هذه المنطقة احتضنت حضارة قوم عاد المذكورة في القرآن الكريم، والتي وُصفت بأنها "التي لم يُخلق مثلها في البلاد". د. مايكل روبرتس، الخبير الجيولوجي البريطاني، يصف المنطقة قائلاً: "هذه أكبر كبسولة زمنية على وجه الأرض، تحتفظ بأسرار الماضي في طبقات رملية يصل عمقها لمئات الأمتار." التحولات المناخية العالمية وانحسار مياه الخليج العربي قديماً حولت هذه الجنة الخضراء إلى لغز جيولوجي يحير العلماء حتى اليوم.
لكن الأسرار الأكثر إثارة تكمن في الثروات الاقتصادية الهائلة المدفونة تحت هذه الرمال القاسية. تحتضن الصحراء حقل الغوار - أكبر حقل نفطي في العالم، إضافة إلى احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي والرمال الزجاجية عالية النقاء. أحمد الشهري، المرشد السياحي المحلي، يروي تجربته: "أرى في كل كثيب رملي قصة حضارة مدفونة وكنز طبيعي ينتظر الاكتشاف. الصمت المطبق الذي يكسره صفير الرياح يحمل همسات الماضي." هذا التناقض المذهل بين قسوة السطح وثراء الأعماق يجعل من الربع الخالي أعجوبة جيولوجية واقتصادية فريدة.
تجسد هذه الأسرار الخمسة - التحول البيئي الجذري، التكوين الجيولوجي الفريد، الإرث الحضاري المفقود، والثروات النفطية والمعدنية - قصة استثنائية عن تفاعل الإنسان مع الطبيعة عبر آلاف السنين. مع استمرار الباحثين في سبر أغوار هذه الصحراء المهيبة، تبقى "جنة عاد المفقودة" شاهداً صامتاً على عظمة الخالق وتقلبات الزمان. هل ستظل أسرار الربع الخالي مدفونة للأبد، أم أن المستقبل يحمل اكتشافات أكثر إذهالاً؟
