في تطور مذهل يخالف كل التوقعات، تحافظ أسعار الذهب في اليمن على استقرارها الصادم وسط عاصفة التقلبات الاقتصادية العالمية. 30,685 ريال يمني للغرام الواحد من عيار 24 - رقم يعادل راتب موظف حكومي لعدة أشهر، بينما المتعاملون في حالة ترقب مستمر. الخبراء يحذرون: هذا الاستقرار قد يكون هدوء ما قبل العاصفة الحقيقية.
في محل الصاغ علي بصنعاء القديمة، تتزاحم العائلات لمراقبة الأسعار المعلقة على الجدران الزجاجية. "أراقب الأسعار يومياً منذ شهرين، أريد شراء غرام واحد لابنتي المخطوبة"، يقول أحمد الحمادي، موظف حكومي، وهو يتأمل بريق الذهب تحت الأضواء. الفارق المذهل يصل إلى 3,051 ريال بين أعلى وأقل عيار، مما يجعل كل قرار حساباً دقيقاً لمستقبل العائلة. بينما تؤكد فاطمة القرشي، ربة البيت التي باعت ذهبها القديم: "الذهب اليوم مثل كيس الأرز في زمن الحرب - ضرورة وليس رفاهية".
خلف هذا الاستقرار الظاهري تكمن حقيقة مرعبة: الأسعار قد تتغير خلال ساعات تبعاً لتقلبات الدولار وأزمة الريال اليمني المستمرة. كما لجأ أجدادنا للذهب في أزمنة الحروب والمجاعات، يعود اليمنيون اليوم لنفس الملاذ الآمن. د. محمد الأهدل، الخبير الاقتصادي، يؤكد: "الاستقرار الحالي مؤشر إيجابي، لكن حذار من الثقة المفرطة". تكاليف التصنيع المحلية ونسب الإضافات تلعب دوراً خفياً في رفع التكلفة النهائية، مما يجعل غرام الذهب الواحد يساوي 30 كيلو أرز أو 15 لتر بنزين.
اليوم، لا تتخذ العائلات قرارات المناسبات الاجتماعية إلا بعد مراجعة أسعار الذهب. المتسوقون يتحدثون بصوت منخفض عن أحلامهم المؤجلة، بينما أصوت أجراس محلات الصياغة تختلط مع همهمات الحسابات المعقدة. كل ساعة تأخير في المتابعة قد تكلف مئات الريالات، وكل قرار متسرع قد يدمر مدخرات سنوات. المفارقة المؤلمة: بينما يبحث المواطن العادي عن الاستقرار في الذهب، يراقب نفس المعدن الذي يهرب إليه من التقلبات. صائغ آخر في تعز يشهد: "العائلات تأتي الآن للاستفسار قبل أي مناسبة، الذهب لم يعد زينة بل استثماراً مصيرياً".
بينما تنام الليلة، قد تستيقظ على أسعار جديدة تماماً. التوقعات تشير لتقلبات محدودة خلال الأسابيع القادمة، لكن احتمال المفاجآت الكبيرة يبقى قائماً. الخبراء ينصحون بالمتابعة اليومية والشراء التدريجي وتجنب القرارات المتسرعة. السؤال الذي يؤرق الجميع: هل أنت مستعد للتعامل مع تقلبات قد تغير مدخراتك في ساعات؟