في تطور مدمر يعكس عمق الانقسام اليمني، شهد الريال اليمني انهياراً تاريخياً كشف عن واقع صادم: الدولار الواحد في عدن يحتاج إلى 1,632 ريالاً، بينما يكتفي بـ 536 ريالاً فقط في صنعاء! هذا التفاوت الجنوني - الذي يقارب 204% - يعني أن كل دقيقة تأخير في حماية مدخراتك قد تكلفك خسائر فادحة لا تُعوض.

في أزقة عدن الضيقة، تصطف العائلات أمام محلات الصرافة بوجوه مكتئبة وأوراق نقدية متآكلة بين أيديها. أم أحمد، الأرملة الخمسينية، تمسك بحقيبة صغيرة تحتوي على مدخرات عمر كامل: "كانت لدي مليون ريال، واليوم لا تكفي لشراء كيس طحين واحد". على الجانب الآخر، في صنعاء، يتمتع المواطنون بقوة شرائية أكبر بـ ثلاث مرات، مما خلق واقعاً اقتصادياً منقسماً في بلد واحد.

هذا التفكك المدمر ليس وليد اليوم، بل نتيجة 10 سنوات عجاف من الصراع الذي شطر البنك المركزي إلى نصفين ودمر البنية الاقتصادية للبلاد. كما حدث في ألمانيا الشرقية والغربية خلال الحرب الباردة، ينقسم اليمن اليوم إلى اقتصادين منفصلين تماماً. الخبراء يحذرون: "هذا الانقسام يدمر النسيج الاقتصادي للبلاد ويجعل إعادة التوحيد أصعب من أي وقت مضى".

النتيجة كارثية على الحياة اليومية للملايين: عائلات بأكملها تعيد حساب ميزانياتها كل صباح، وأسعار الخبز والدواء تتضاعف أسبوعياً في عدن. خالد، التاجر الذي ينقل بضائعه بين المدينتين، يصف كابوسه اليومي: "أبيع في عدن بسعر وأشتري في صنعاء بثلث السعر، لكن المخاطر أكبر من الأرباح". الخبراء يتوقعون موجة هجرة جديدة نحو الخارج، بينما يستفيد المضاربون من هذه الفجوة الذهبية على حساب معاناة الشعب.

اليمن اليوم يقف على مفترق طرق: إما إعادة توحيد النظام النقدي عبر معجزة سياسية، أو الانزلاق نحو انقسام اقتصادي دائم قد ينتهي بعملتين منفصلتين. الرسالة واضحة لكل يمني: احموا مدخراتكم قبل فوات الأوان، نوعوا استثماراتكم، وتجنبوا الاحتفاظ بالريال. السؤال المصيري: هل سيبقى اليمن موحداً اقتصادياً، أم أن هذا الانقسام سيصبح الواقع الجديد إلى الأبد؟