الرئيسية / مال وأعمال / دولة عربية مهمة تفاجئ العالم وتُطلق عُملة نقدية جديدة تُحدث انقلاباً جذرياً في قيمتها ونظامها المالي !
دولة عربية مهمة تفاجئ العالم وتُطلق عُملة نقدية جديدة تُحدث انقلاباً جذرياً في قيمتها ونظامها المالي !

دولة عربية مهمة تفاجئ العالم وتُطلق عُملة نقدية جديدة تُحدث انقلاباً جذرياً في قيمتها ونظامها المالي !

نشر: verified icon مروان الظفاري 23 أغسطس 2025 الساعة 10:15 مساءاً

تستعد السلطات السورية لإطلاق عملة نقدية جديدة خالية من صور الرئيس السابق بشار الأسد مع حذف صفرين من قيمتها الحالية، في خطوة تهدف لإعادة هيكلة النظام النقدي واستعادة الثقة بالاقتصاد المنهار. 

هذا الإصلاح النقدي الطموح سيتم تنفيذه في الثامن من ديسمبر المقبل، مصادفاً الذكرى السنوية الأولى للإطاحة بنظام الأسد.

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أن تغيير العملة يمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الإصلاح المالي والنقدي الجديدة. وكشف أن فرقاً فنية متخصصة تعكف حالياً على دراسة الاحتياجات التقنية واللوجستية لعملية الإصدار، مشيراً إلى أن هذه الخطوة باتت ضرورة ملحة للاقتصاد السوري.

تأتي هذه المبادرة النقدية في وقت تواجه فيه الليرة السورية أزمة حادة، حيث فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ اندلاع الحرب عام 2011. وانهار سعر صرف الليرة من 50 ليرة مقابل الدولار قبل الحرب إلى ما يقارب 10 آلاف ليرة حالياً، مما أدى إلى تعقيدات جمة في المعاملات المالية اليومية.

يعكس انهيار قيمة العملة حجم الصعوبات التي يواجهها المواطنون السوريون في حياتهم اليومية. فالأسر السورية اعتادت حمل أكياس بلاستيكية سوداء تحتوي على أوزان كبيرة من الأوراق النقدية من فئة 5000 ليرة - وهي أعلى فئة متداولة حالياً - لتغطية احتياجاتهم الأساسية من التسوق والخدمات.

وفقاً لوثائق داخلية ومصادر مطلعة، فإن المصرف المركزي السوري أبلغ البنوك المحلية العامة والخاصة بخطته لإعادة هيكلة النظام النقدي في منتصف أغسطس الماضي. وأشارت هذه المصادر إلى أن العملية ستشمل حذف صفرين من جميع الفئات النقدية، مما يعني تحويل الورقة النقدية من فئة 10000 ليرة إلى فئة 100 ليرة جديدة.

تحمل عملية إصدار العملة الجديدة أبعاداً سياسية ورمزية عميقة، حيث تسعى السلطات الجديدة للتخلص نهائياً من إرث نظام الأسد. الأوراق النقدية الحالية تحمل صور بشار الأسد على فئة 2000 ليرة الأرجوانية، وصورة والده حافظ الأسد على فئة 1000 ليرة الخضراء، وهي الرموز التي تريد الحكومة الانتقالية إزالتها نهائياً.

من الناحية التقنية، ستتعاقد سوريا مع شركة "جوزناك" الروسية الحكومية المتخصصة في طباعة النقود لإنتاج الأوراق النقدية الجديدة. وتم الوصول لهذا الاتفاق خلال زيارة وفد سوري رفيع المستوى إلى موسكو في يوليو الماضي، علماً أن نفس الشركة كانت تتولى طباعة العملة السورية في عهد النظام السابق.

يثير هذا التعاقد تساؤلات حول مدى استقلالية السياسة الاقتصادية الجديدة، خاصة أن شركة "جوزناك" تخضع لعقوبات أوروبية منذ 2022 وأمريكية منذ يونيو 2024 بتهم تتعلق بطباعة وثائق مزيفة في المناطق الأوكرانية المحتلة ودعم أجهزة الأمن الروسية.

وضع المصرف المركزي خطة زمنية محكمة لتنفيذ هذا المشروع النقدي الضخم. فقد وجه البنوك التجارية للاستعداد لإصدار الأوراق الجديدة بحلول منتصف أكتوبر، مع إطلاق حملة إعلامية واسعة في الأسابيع المقبلة لتهيئة الجمهور للتغيير المرتقب.

طلب المصرف من البنوك إعداد تقارير تفصيلية عن جاهزيتها التقنية، تشمل عدد الكاميرات وآلات عد النقود وسعات التخزين المتوفرة. كما أمر بإجراء اختبارات شاملة لضمان قدرة الأنظمة الآلية على التعامل مع الأوراق النقدية الجديدة دون مشاكل تقنية.

ستشهد عملية الانتقال للعملة الجديدة فترة تداخل مدتها اثنا عشر شهراً كاملاً، حيث ستتداول العملتان القديمة والجديدة بشكل متوازٍ. وستنتهي هذه المرحلة الانتقالية في الثامن من ديسمبر 2026، عندما يتم سحب الأوراق النقدية القديمة نهائياً من التداول.

يرى مسؤولون مصرفيون أن أحد الأهداف الرئيسية لهذا الإصلاح هو تحسين رقابة الدولة على النقد المتداول. تشير التقديرات إلى وجود حوالي 40 تريليون ليرة سورية تتداول خارج النظام المالي الرسمي، وهو مبلغ ضخم يفلت من المراقبة الحكومية ويغذي الاقتصاد الموازي.

لكن الخبراء الاقتصاديين منقسمون حول جدوى هذا الإصلاح. يحذر الدكتور ذو الفقار عبود، الخبير الاقتصادي السوري، من أن حذف الأصفار "خطوة جريئة لكنها ليست حلاً جوهرياً لمشكلات الاقتصاد". ويؤكد أن تحسين القوة الشرائية للعملة يتطلب سياسة مالية ونقدية متماسكة تقوم على تقليل الاعتماد على الدولار وضبط الاستيراد ودعم الإنتاج المحلي.

من جهته، يشدد كرم شعار، الخبير الاقتصادي السوري والمستشار لدى الأمم المتحدة، على أن تغيير الأوراق النقدية التي تحمل صورة الأسد يمثل "تحولاً سياسياً ضرورياً". لكنه يحذر من مخاطر إرباك المستهلكين، خاصة كبار السن، إضافة إلى غياب إطار تنظيمي واضح وتفاوت السيطرة الحكومية على مختلف مناطق البلاد.

يقترح شعار بديلاً أقل تكلفة وتعقيداً، وهو إصدار فئات أعلى من العملة الحالية مثل أوراق نقدية بقيمة 20 أو 50 ألف ليرة، مما يحقق هدف تسهيل التعامل مع النقد دون تكاليف الإصلاح الشامل التي قد تصل لمئات الملايين من الدولارات.

التجارب الدولية في إعادة تقييم العملات تقدم دروساً مهمة. فتركيا نجحت عام 2005 في حذف ستة أصفار من الليرة التركية وحولت مليون ليرة قديمة إلى ليرة واحدة جديدة، لكن هذا النجاح ارتبط بإصلاحات اقتصادية عميقة شملت كامل النظام المالي والنقدي.

أما في الحالة السورية، فإن التحديات تتضاعف بسبب غياب إطار قانوني معلن، وضعف البنية التحتية للمدفوعات الرقمية، واعتماد المواطنين المتزايد على الدولار كوسيط رئيسي للتعاملات. هذه العوامل قد تجعل من عملية الانتقال للعملة الجديدة أكثر تعقيداً مما هو مخطط له.

في وقت يتحول فيه الاقتصاد السوري بسرعة نحو "الدولرة"، حيث تُسعر معظم السلع والخدمات بالدولار من المتاجر إلى محطات الوقود، تواجه الحكومة الجديدة تحدي إعادة إحياء الثقة بالعملة المحلية. إن نجاح هذا المسعى سيتطلب أكثر من مجرد تغيير شكل الأوراق النقدية وحذف أصفار منها.

شارك الخبر