أصدر البنك المركزي اليمني في عدن تعميماً عاجلاً يمنح شركات الصرافة مهلة 3 أيام فقط لإغلاق جميع حسابات الجهات الحكومية وتحويل أموالها إليه، في خطوة تصاعدت معها أزمة النقد اليمنية عندما ردت جماعة الحوثي بإصدار تعميم مضاد يمنع البنوك والصرافين من الالتزام بقرارات المركزي الشرعي.
جاء التعميم الصادر من قطاع الرقابة على البنوك في البنك المركزي بعدن الأحد 17 أغسطس، ليحظر بشكل قاطع احتفاظ شركات الصرافة بأي مبالغ تخص الوحدات الحكومية أو المؤسسات الرسمية، واصفاً ذلك بـ"النشاط غير القانوني الذي يتجاوز النطاق المصرح به لأعمال الصرافة".
شدد البنك المركزي على ضرورة تحويل أي مبالغ يتم اكتشافها في حسابات الجهات الحكومية لدى شركات الصرافة بشكل فوري إلى حساباتها الرسمية، متوعداً باتخاذ "إجراءات قانونية صارمة" ضد أي شركة أو منشأة صرافة تخالف هذه التعليمات الجديدة.
لكن هذا القرار الحاسم من البنك المركزي واجه رداً عنيفاً من جماعة الحوثي المسيطرة على فرع البنك المركزي في صنعاء، التي أسرعت لإصدار تعميم مضاد الإثنين يحظر على المؤسسات المصرفية وشركات التحويلات تقديم أي طلبات رسمية إلى الجهات الحكومية في مناطق الحكومة الشرعية.
وصف التعميم الحوثي قرارات البنك المركزي في عدن بأنها "تصعيد اقتصادي" و"حصار اقتصادي" يستهدف عمليات الاستيراد إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة. وحظر التعميم الحوثي على البنوك والصرافات الحصول على موافقات من الحكومة الشرعية لتحويل أو مصارفة مبالغ تخص واردات سلعية إلى مناطق المليشيات، ملوّحاً بإجراءات قانونية ضد المخالفين دون الكشف عن طبيعتها.
يأتي هذا التصعيد المتبادل في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى استعادة السيطرة على الموارد المالية للدولة وتنظيم القطاع المصرفي. وكانت اللجنة العليا للإيرادات قد أقرت في اجتماعها الأخير إلزام كافة المؤسسات الحكومية بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي في عدن وإغلاق الحسابات المفتوحة لدى البنوك التجارية وشركات الصرافة.
هذه الإجراءات تندرج ضمن حزمة إصلاحات مالية واسعة تهدف إلى تعزيز الاستقرار النقدي وحصر الإيرادات العامة في القنوات الرسمية، في ظل معاناة الاقتصاد اليمني من انقسام حاد في السلطة النقدية بين الحكومة الشرعية والحوثيين.
ورغم هذا الصراع المتصاعد، نجحت اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات في موافقتها خلال اجتماعها الأحد على 91 طلباً للمصارفة والتغطية الخارجية للواردات السلعية بقيمة إجمالية بلغت حوالي 39.7 مليون دولار أمريكي، خلال الفترة من 10 إلى 14 أغسطس الجاري.
أوضحت اللجنة، برئاسة وزير الصناعة والتجارة محمد الأشول وحضور محافظ البنك المركزي أحمد غالب عبر الاتصال المرئي، أن الطلبات المعتمدة جاءت من 15 بنكاً و3 شركات صرافة، وفق الآلية التنفيذية المبلغة للبنوك والصرافات والضوابط المحددة سلفاً.
يشكل هذا التطور نقطة تحول مهمة في الصراع الاقتصادي الدائر في اليمن، حيث تحاول كل من السلطتين في صنعاء وعدن فرض سيطرتها على القطاع المالي والمصرفي، مما ينذر بتعقيدات إضافية في مشهد اقتصادي يعاني أصلاً من تداعيات الحرب المستمرة منذ سنوات.