في عالم تتشابك فيه الحدود وتتنوع القوانين، تبرز قصة المسافر اليمني كواحدة من أكثر القصص تحدياً في مشهد السفر الدولي.
على خريطة العالم الواسعة، تضيق المساحات المفتوحة أمام حاملي الجواز اليمني، حيث تفتح ثمان دول فقط أبوابها دون تأشيرة،
بينما تقدم اثنتان وعشرون دولة يداً أكثر مرونة عبر تأشيرات الوصول.
وتعكس هذه الأرقام واقعاً يتنقل فيه المواطن اليمني بين حدود صارمة وإجراءات معقدة، في وقت يُعتبر فيه السفر نافذة أساسية للتواصل الإنساني والفرص العالمية.
القيود المفروضة على حاملي جواز السفر اليمني:
تشير البيانات الحديثة إلى أن الجواز اليمني يواجه قيوداً دولية متزايدة، حيث تفرض 147 دولة على حامليه الحصول على تأشيرات مسبقة عبر القنوات الدبلوماسية التقليدية.
وكشفت دراسة أجرتها مؤسسات دولية متخصصة بالسفر أن هذه القيود تضع الجواز اليمني في مرتبة متأخرة عالمياً من حيث قوة التنقل.
وتتجلى هذه الصعوبات في إجراءات بيروقراطية مرهقة تتضمن تقديم وثائق متعددة كإثباتات مالية وخطابات دعوة وحجوزات سفر وإقامة، وهي عمليات قد تستغرق أسابيع أو شهوراً للحصول على الموافقة النهائية.
ويعزو خبراء العلاقات الدبلوماسية هذه القيود إلى مجموعة من العوامل المركبة، يأتي في مقدمتها الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها اليمن منذ سنوات.
فالصراع المستمر أدى إلى تراجع في العلاقات الدبلوماسية مع العديد من دول العالم، مما انعكس سلباً على حرية تنقل المواطنين.
كما تلعب المخاوف المتعلقة بالهجرة غير النظامية دوراً في تشديد إجراءات منح التأشيرات، حيث تخشى العديد من الدول من تحول الزيارات المؤقتة إلى إقامات طويلة نتيجة الأوضاع الصعبة في اليمن.
الخيارات المتاحة للسفر لحاملي جواز السفر اليمني:
رغم التحديات الكبيرة، تبقى هناك بعض النوافذ المفتوحة أمام المسافرين اليمنيين.
فثمان دول تسمح لهم بالدخول دون تأشيرة، وتشمل هذه القائمة المحدودة كلاً من السودان وجزر كوك ودومينيكا وسانت فنسنت والغرينادين وماليزيا وميكرونيسيا وهايتي.
وتبرز ماليزيا كوجهة رئيسية في هذه المجموعة نظراً لأهميتها الاقتصادية والسياحية والتعليمية، حيث أصبحت مقصداً للعديد من الطلاب والسياح والمستثمرين اليمنيين.
وأشارت تقارير سياحية إلى أن السودان يمثل الوجهة الأقرب جغرافياً، مما يجعله خياراً أكثر سهولة من الناحية اللوجستية.
وتقدم 22 دولة خدمة التأشيرة عند الوصول، مما يوفر مرونة أكبر للمسافرين اليمنيين. وتتوزع هذه الدول بين المالديف وجزر القمر وجيبوتي ورواندا وسريلانكا وسيشيل ولبنان ومدغشقر وغيرها.
وتفيد النشرات الدبلوماسية بأن شروط الحصول على هذه التأشيرات تختلف من دولة لأخرى، حيث قد تطلب بعض الدول إثبات الغرض من الزيارة أو حجوزات الإقامة أو تذاكر العودة.
كما توفر 51 دولة نظام التأشيرات الإلكترونية، ومن بينها الإمارات وقطر والبحرين وعمان وباكستان وأستراليا وتايلاند وسنغافورة وفيتنام، مما يشكل حلاً وسطاً يتجنب بعض تعقيدات التأشيرات التقليدية.
تغيرات مستقبلية محتملة في نظام التأشيرات:
يتطلع المراقبون إلى بعض التغيرات الإيجابية المحتملة في المستقبل القريب.
فقد أشارت تصريحات دبلوماسية متعددة إلى مساعٍ يمنية لتحسين وضع الجواز عبر اتفاقيات ثنائية جديدة مع عدة دول.
وينقل محللون سياسيون عن مصادر دبلوماسية توقعات بأن تسهم أي تسوية سياسية في اليمن بتحسين تصنيف الجواز عالمياً وتخفيف القيود المفروضة عليه، خاصة مع دول الجوار والدول ذات العلاقات التاريخية مع اليمن.
وتشير دراسات متخصصة في شؤون السفر والهجرة إلى أن التحول العالمي نحو رقمنة أنظمة التأشيرات قد يحمل فرصاً إيجابية للمسافرين اليمنيين.
فالتأشيرات الإلكترونية وأنظمة التسجيل المسبق الإلكترونية تتوسع عالمياً، مما يقلل من العوائق البيروقراطية ويعزز فرص الموافقة على طلبات السفر.
ومع ذلك، يحذر خبراء من أن هذه التغيرات قد تستغرق وقتاً طويلاً، وأن تحسين قوة جواز السفر اليمني يظل مرتبطاً بشكل وثيق بتحسن الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد وعلاقاتها الدولية.
وتظل قصة التنقل العالمي بالنسبة للمواطن اليمني محفوفة بالتحديات، محصورة بين ثمان دول تفتح أبوابها دون تأشيرة و22 دولة تسمح بالتأشيرة عند الوصول.
ويقف خلف هذه الأرقام واقع معقد من العلاقات الدولية والظروف السياسية.
ورغم كل العقبات، يستمر المسافرون اليمنيون في البحث عن طرق للتنقل والتواصل مع العالم، في انتظار تغييرات إيجابية قد تخفف من هذه القيود وتفتح آفاقاً جديدة أمامهم.
وتبقى التوصية الأهم للمسافرين اليمنيين هي التحقق المستمر من المتطلبات الحالية عبر القنوات الرسمية، نظراً للتغيرات المتكررة في سياسات التأشيرات حول العالم.