في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، وصل سعر جنيه الذهب الواحد في عدن إلى رقم خيالي يبلغ مليون ونصف ريال يمني، بينما لا يتجاوز في صنعاء نصف مليون ريال، محققاً فارقاً جنونياً يزيد عن 200% بين المدينتين. هذه الأرقام المرعبة تضع المواطنين أمام حقيقة صادمة: الذهب أصبح حلماً بعيد المنال، والأسعار ترتفع كل ساعة مع تقلبات البورصة العالمية التي لا تعرف الرحمة.
أحمد المحمدي، موظف حكومي من عدن، يقف أمام واجهة محل الصاغة وعيناه تملؤها الدهشة والإحباط: "كنت أخطط لخطوبتي هذا الشهر، لكن راتبي كله لا يكفي لشراء خاتم واحد". القصة تتكرر في كل أنحاء المدينة، حيث يصل سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 192,000 ريال للبيع، بينما في صنعاء لا يتجاوز 62,000 ريال. رقم صادم يجعل خاتماً بسيطاً من 5 جرامات يكلف تقريباً مليون ريال في عدن - مبلغ يعادل راتب موظف لسنة كاملة.
هذا الارتفاع الجنوني ليس وليد اللحظة، بل نتيجة لسلسلة من العوامل المتشابكة. ارتفاع أسعار الذهب عالمياً إلى 4,084 دولار للأوقية جاء كالصاروخ، بينما تباين أسعار الصرف بين شمال وجنوب اليمن خلق هوة سحيقة في الأسعار المحلية. د. محمد الصراري، الخبير الاقتصادي، يحذر قائلاً: "هذه مجرد البداية، والوضع قد يزداد سوءاً إذا لم تستقر أسعار الصرف". المقارنة مع أسعار العام الماضي تُظهر صورة مرعبة: ارتفاع بنسبة تجاوزت 150% في بعض العيارات.
التأثير على الحياة اليومية أصبح جلياً في كل بيت يمني. سارة اليافعي من صنعاء تحكي قصة مختلفة: "بعت مجوهراتي القديمة وحققت ربحاً لم أتوقعه، لكن الحزن يملأ قلبي لأنني لن أستطيع شراء شيء جديد لابنتي". عبدالله التاجر، صائغ في سوق عدن القديم، يشكو من تراجع الإقبال بنسبة تزيد عن 60%: "المحل كان مكتظاً بالزبائن، أما اليوم فالناس تنظر وترحل". الأعراس تؤجل، الخطوبات تلغى، والأحلام تتبخر أمام هذه الأرقام الصادمة التي تعيد تشكيل الخريطة الاجتماعية اليمنية.
مع استمرار التقلبات العالمية وعدم الاستقرار المحلي، تشير التوقعات إلى مزيد من الارتفاع في الأشهر القادمة. الخبراء ينصحون بالتخطيط المالي الدقيق والبحث عن بدائل مناسبة، بينما المواطنون يواجهون خيارات صعبة بين التمسك بالتقاليد أو التكيف مع الواقع الجديد. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم: هل سيصبح الذهب مجرد ذكرى جميلة في حياة المواطن اليمني البسيط؟