في مشهد مرعب يهز أركان الاقتصاد اليمني، كشفت أسعار الصرف اليوم عن فجوة جنونية تفوق كل التوقعات: 201% هو الفارق الصادم بين سعر الدولار في عدن وصنعاء! بينما يحتاج مواطن عدن إلى 1631 ريالاً لشراء دولار واحد، يكفي مواطن صنعاء 542 ريالاً فقط. هذا الانهيار المدوي يعني أن كل دقيقة تأخير في حماية مدخراتك تساوي خسارة مؤكدة لا يمكن تعويضها.
"هذا ليس مجرد تقلب سعري، بل انهيار منظومة نقدية بأكملها"، كما يصفه د. سالم الحضرمي، الخبير الاقتصادي. أحمد العدني، الموظف الحكومي، يروي مأساته بصوت مرتجف: "راتبي الشهري الذي كان يساوي 400 دولار، أصبح اليوم لا يتجاوز 100 دولار". المشهد في أسواق الصرافة بعدن صادم: طوابير من المواطنين اليائسين، وأصوات الآلات الحاسبة تحسب الخسائر الفادحة، بينما رائحة الأوراق النقدية البالية تملأ المكان.
الأسباب وراء هذه الكارثة المالية تعود لانقسام البنك المركزي منذ 2016، حين تمزق النظام النقدي اليمني بين سلطتي صنعاء وعدن. نقص العملة الصعبة في عدن وضعف الإيرادات النفطية فاقما من الأزمة. هذا الانهيار يذكرنا بأسوأ الأزمات النقدية في التاريخ، كانهيار الليرة التركية أو الأرجنتينية في أحلك أيامها. خبراء البنك الدولي يحذرون من أن الوضع قد يتدهور أكثر، مع توقعات بوصول الدولار لـ 2000 ريال في عدن خلال الأسابيع المقبلة.
التأثير على الحياة اليومية مدمر بكل المقاييس. فاطمة، ربة المنزل في عدن، تبكي وهي تقول: "أصبح شراء الأساسيات مستحيلاً، أطفالي يجوعون والأسعار ترتفع كل ساعة". المواطن في عدن يحتاج اليوم ثلاثة أضعاف ما يحتاجه نظيره في صنعاء لشراء نفس السلعة. في المقابل، محمد الصنعاني، التاجر الذكي، يحقق أرباحاً خيالية من استغلال هذه الفروقات السعرية. الوضع ينذر بهجرة جماعية من عدن، وانهيار كامل للأنشطة الاقتصادية في المدينة.
الخلاصة المرعبة: فجوة 201% تقسم البلد الواحد لاقتصادين منفصلين تماماً، والسؤال المصيري ليس متى سيتوحد السعر، بل هل سيبقى هناك ريال في عدن أصلاً؟ على كل مواطن في عدن التحرك فوراً لحماية مدخراته قبل فوات الأوان. هل نشهد ولادة عملتين مختلفتين في بلد واحد؟ أم أن الأسوأ قادم؟