في صدمة حقيقية تهز الأسواق اليمنية، كشفت أسعار الذهب اليوم الأربعاء عن فارق جنوني يتجاوز كل التوقعات - 310% هو الفرق الصاعق بين أسعار الذهب في عدن وصنعاء داخل البلد الواحد! جرام الذهب عيار 21 يُباع بـ 192 ألف ريال في عدن مقابل 62 ألف ريال فقط في صنعاء، في مشهد اقتصادي مرعب يجعل جنيه الذهب الواحد في عدن يساوي راتب موظف لثلاثة أشهر كاملة. الخبراء يحذرون: الأسعار ترتفع كل ساعة وقد تصل لمستويات خيالية خلال الأيام القادمة.
في مشهد يعكس حجم الأزمة الاقتصادية اليمنية، تجولت أم محمد، ربة بيت من عدن، بين محلات الصاغة باحثة عن أساور ذهبية لابنتها العروس، لكن الأسعار الفاحشة حطمت أحلامها تماماً. "شاهدت السعر فشعرت وكأن قلبي سيتوقف"، تقول وهي تمسح دموع الإحباط من عينيها. بينما في الجانب الآخر، يؤكد أحمد الصائغ من صنعاء أن حركة البيع والشراء شبه متوقفة حتى في مدينته رغم الأسعار المنخفضة نسبياً، مضيفاً: "الناس خائفة من الاستثمار في ظل عدم الاستقرار."
هذا الفارق الصادم لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة للانقسام السياسي والاقتصادي الذي يعيشه اليمن منذ سنوات. اختلاف العملة المتداولة بين المدينتين وتقلبات أسعار الصرف خلق واقعاً اقتصادياً مؤلماً يجعل البلد الواحد يبدو كدولتين منفصلتين تماماً. د. محمد العولقي، خبير اقتصادي، يوضح: "ما نشهده اليوم يشبه فترات الحروب العالمية عندما كان الذهب ملاذاً وحشياً للأثرياء فقط". هذا بالتزامن مع ارتفاع السعر العالمي للذهب إلى مستويات قياسية بلغت 4,084 دولار للأوقية.
الواقع المرير يتجلى في شوارع المدينتين، حيث تحولت محلات الصاغة من وجهات للفرح إلى معارض للأحلام المستحيلة. سالم المقطري، عامل في عدن، يقف أمام إحدى الواجهات الذهبية ويتنهد: "الذهب صار حلماً بعيد المنال، حتى خاتم الخطبة أصبح كماليات." التأثير لا يقتصر على الأفراد، بل يمتد ليشمل تقاليد الزواج اليمنية العريقة، حيث بدأت العائلات في تأجيل حفلات الزفاف أو البحث عن بدائل للذهب الحقيقي. الخبراء يتوقعون مزيداً من التقلبات مع احتمالية وصول الفارق إلى 400% خلال الأسابيع القادمة.
في ظل هذه الأرقام المرعبة، يبقى السؤال الأهم: هل سيصبح الذهب حلماً بعيد المنال للمواطن اليمني العادي؟ الخبراء ينصحون بمراقبة الأسعار يومياً والاستثمار بحذر شديد، مع تجنب المضاربة في ظل هذه التقلبات الجنونية. الوقت ينفد، والقرارات الاستثمارية الذكية قد تكون الفارق بين الربح والخسارة الفادحة. فارق الـ 130 ألف ريال بين المدينتين ليس مجرد رقم، بل واقع مؤلم يعكس حجم التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن اليوم.