في قرار تاريخي يعيد تشكيل مستقبل العمرة، أعلنت وزارة الحج والعمرة فرض رسوم جديدة بقيمة 750 ريال سعودي لكل تصريح عمرة بدءاً من عام 2026. هذا المبلغ - الذي يعادل راتب أسبوع كامل لعامل البناء - يمثل تحولاً جذرياً في نظام أداء العبادة الأقدس، مع أقل من عامين فقط أمام المعتمرين للتأقلم مع الواقع الجديد.
يكشف المسؤولون في الوزارة عن تفاصيل صادمة حول النظام الرقمي الجديد، حيث تصبح منصة نسك الإلكترونية البوابة الوحيدة للحصول على تصاريح العمرة. أبو محمد، عامل بناء من الرياض، يعبر عن قلقه: "كنت أعتمر كل ستة أشهر، الآن سأضطر للادخار سنة كاملة لأداء العمرة مرة واحدة." فيما تؤكد مريم الأحمدي، موظفة تقنية: "هذا استثمار في تجربة روحية أفضل، مثل شراء تذكرة طيران درجة أولى للوصول للجنة."
تأتي هذه الخطوة كجزء من استراتيجية طموحة ضمن رؤية 2030، تهدف لتحويل العمرة من تجربة تقليدية مليئة بالازدحام إلى رحلة روحية منظمة بأحدث التقنيات. د. عبدالله السميري، خبير إدارة الحشود، يؤكد: "النظام الجديد سيدير حركة المعتمرين كما تدير إشارات المرور الذكية حركة السيارات في أكثر الشوارع ازدحاماً." المقارنة تذكرنا بتطوير خدمات الحج في السبعينات، عندما حولت المملكة الحج من فوضى إلى تنظيم عالمي مثالي.
لكن الصدمة الحقيقية تكمن في التأثير على الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين. فاطمة العتيبي، معتمرة منتظمة، تروي تجربتها: "اضطررت لإعادة ترتيب ميزانية البيت بالكامل. الـ750 ريال تعادل فاتورة الكهرباء لشهرين." النظام الجديد يتطلب التسجيل المسبق، رفع المستندات الرقمية، وسداد الرسوم عبر وسائل الدفع الإلكترونية - عملية قد تستغرق دقائق لكنها تتطلب مهارات تقنية أساسية وتخطيطاً مالياً دقيقاً.
مع اقتراب موعد التطبيق، تتصاعد التساؤلات حول قدرة النظام على تحقيق الأهداف الطموحة المعلنة. الفرصة متاحة للحصول على تجربة عمرة استثنائية بلا ازدحام، لكن التحدي يكمن في الاستعداد المالي والتقني لهذا التحول الجذري. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل أنت مستعد لدفع ثمن تجربة عمرة رقمية تليق بقدسية المكان، أم ستنتظر لترى كيف سيتفاعل الملايين مع هذا النظام الثوري؟