في تطور مفاجئ أضاء شعلة الأمل في قلوب آلاف العائلات اليمنية، أعلن بنك عدن الإسلامي صرف مرتبات 12 جهة حكومية دفعة واحدة لشهر سبتمبر، بعد انتظار دام شهرين كاملين. للمرة الأولى منذ فترة طويلة، يستيقظ الموظفون الحكوميون في عدن وأبين وهم يعلمون أن راتبهم في انتظارهم، في خطوة تُعد انفراجة حقيقية وسط معاناة اقتصادية خانقة.
أحمد سالم، معلم في مكتب التربية والتعليم، لم يستطع كتم دموع الفرحة عندما تلقى رسالة تأكيد وصول راتبه. "كنت أحتاج هذا المال بشدة لإجراء عملية لابنتي"، يقول أحمد وصوته يرتجف من الانفعال. المشهد تكرر أمام فروع البنك حيث امتدت طوابير طويلة من الموظفين منذ ساعات الفجر الأولى، وانتشرت أصوات الفرحة والدعوات بين الحاضرين. القائمة الشاملة تضم قطاعات حيوية: من مكاتب الضرائب والمالية إلى جامعتي عدن وأبين، مروراً بالهيئة العامة للمصائد السمكية.
تأتي هذه الخطوة على خلفية أزمة رواتب مزمنة تضرب اليمن منذ اندلاع الحرب في 2014، حين انقسم البنك المركزي وتفاقمت أزمة السيولة. د. محمد العولقي، الخبير الاقتصادي، يصف الوضع قائلاً: "هذا المؤشر إيجابي لاستقرار النظام المصرفي في المحافظات المحررة". المقارنة صادمة: تأخير الرواتب لشهرين يعادل 60 يوماً كاملاً من القلق والانتظار، في مشهد يذكرنا بفترات إعادة الإعمار بعد الحروب الكبرى.
التأثير على الحياة اليومية بدا واضحاً فوراً: د. فاطمة محسن من جامعة عدن تمكنت أخيراً من سداد أقساط منزلها المتأخرة، بينما عبدالله أحمد من مكتب المالية اشترى الدواء اللازم لوالدته المسنة. الحركة التجارية في الأسواق المحلية شهدت انتعاشاً ملحوظاً خلال ساعات من الإعلان، كالمطر بعد قحط طويل يروي الأرض العطشى. لكن الخبراء يحذرون من ضرورة الادخار والحذر، فالاستقرار الاقتصادي ما زال هشاً والتحديات قائمة.
هذا الإنجاز، رغم بساطته الظاهرية، يحمل دلالات عميقة على إمكانية تحقيق انتظام أكبر في صرف الرواتب مستقبلاً. البنوك مفتوحة الآن وعلى جميع الموظفين في القائمة المعلنة التوجه لاستلام مستحقاتهم. لكن السؤال الذي يؤرق الجميع يبقى معلقاً: هل نشهد بداية عهد جديد من الانتظام المالي، أم أن هذه مجرد استراحة مؤقتة في رحلة المعاناة الطويلة؟