في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، سجلت أسعار الذهب تفاوتاً خيالياً يصل إلى 995% بين المحافظات المختلفة، حيث يُباع الجنيه الذهبي الواحد بـ 1.5 مليون ريال في عدن مقابل 487 ألف ريال فقط في مناطق أخرى. هذا الفرق الجنوني - الذي يعادل ثمن سيارة متوسطة - يتغير كل ساعة، والفرصة تتبخر أمام أعين المستثمرين والعرائس على حد سواء.
محمد سالم، تاجر ذهب من عدن، يروي صدمته: "هذا جنون سعري لم نشهده من قبل، الجنيه الذهبي الذي أبيعه بمليون ونصف هنا، يُباع في صنعاء بنصف المليون فقط". الأرقام تتحدث بوضوح مؤلم: فرق 134,300 ريال في البيع لجرام الذهب عيار 21 فقط، مبلغ يكفي لشراء ذهب عروس كاملة في المناطق الأرخص. فاطمة أحمد، عروس من تعز، اضطرت لتأجيل زفافها: "كيف لفتاة بسيطة أن تدفع مليوناً ونصف لجنيه واحد؟"
الأسباب وراء هذه الفوضى السعرية تعود لـانقسام البلاد وتعدد السلطات النقدية منذ 2015، مما خلق أسواقاً منفصلة تماماً. د. عبدالله الحكيمي، خبير اقتصادي، يحذر: "ما نشهده اليوم أشبه بأزمة الذهب في أمريكا عام 1929، لكن بوتيرة أسرع وتأثير أعمق". عدن كميناء رئيسي تستقبل الذهب المستورد بأسعار عالمية، بينما المناطق الداخلية تعتمد على المخزون المحلي والتهريب، مما يفسر هذا التفاوت الصاروخي.
العائلات اليمنية تعيش الآن كابوساً حقيقياً، حيث تتبخر مدخرات السنين في لحظات. أحمد علي من صنعاء يحكي معاناته: "ذهبت لشراء خاتم لابنتي العروس، فوجئت أن ما ادخرته يكفي بالكاد لجرام واحد". السيناريوهات المتوقعة تشير إلى ظهور شبكات تهريب منظمة وسوق سوداء تستغل هذا التفاوت الجنوني. الفرصة متاحة للمستثمرين الأذكياء الذين يستطيعون التحرك بين المحافظات، لكن المخاطر الأمنية والمالية تتزايد يومياً.
هذه الفوضى السعرية تعكس بوضوح انقسام اليمن اقتصادياً وليس سياسياً فقط، ومع توقعات بمزيد من التقلبات الحادة، ينصح الخبراء بمراقبة الأسعار بعناية فائقة. السؤال المحوري الآن: هل سيصمد سوق الذهب اليمني أمام هذه العاصفة، أم أن الأسوأ لم يأت بعد؟