في تطور صادم يكشف عمق الكارثة الاقتصادية اليمنية، وصل الفارق في أسعار صرف الدولار الأمريكي بين عدن وصنعاء إلى مستويات تاريخية مدمرة، حيث يساوي الدولار الواحد 1633 ريال في عدن مقابل 540 ريال فقط في صنعاء - فجوة مالية تزيد عن 1000 ريال للدولار الواحد تحكي قصة انهيار دولة كاملة. هذا الرقم المرعب يعني أن المواطن اليمني يعيش في بلدين مختلفين اقتصادياً رغم وحدة الجغرافيا والعملة الرسمية.
أحمد المحمدي، موظف حكومي من صنعاء براتب 100 دولار شهرياً، يروي مأساته: "راتبي يساوي 54 ألف ريال هنا، لكن لو انتقلت للعيش في عدن سأحتاج 163 ألف ريال لنفس القوة الشرائية". هذه المعادلة المجنونة تعكس حجم الانقسام الاقتصادي الذي تعيشه اليمن، حيث تحول الريال السعودي من 428 ريال في عدن إلى 140.5 ريال في صنعاء - فارق يصل إلى 304% في نفس اليوم، وفقاً لأسعار الأربعاء المنشورة عبر "نافذة اليمن".
منذ انطلاق الحرب في 2015، بدأت العملة اليمنية رحلتها نحو الهاوية، لكن ما يحدث اليوم يفوق كل التوقعات. الانقسام السياسي خلق انقساماً اقتصادياً قاتلاً، شبيه بما حدث في ألمانيا المقسمة، لكن هنا الانقسام في العملة وليس الجغرافيا فقط. د. سالم الاقتصادي، المحلل المالي، يحذر قائلاً: "هذا الفارق الجنوني يدمر الوحدة الاقتصادية للبلد، ونقطة اللاعودة قريبة جداً". الأرقام تتحدث عن كارثة حقيقية:
- فجوة تزيد عن 203% في سعر الدولار
- تباين مدمر يؤثر على 30 مليون مواطن
- انهيار تدريجي للوحدة النقدية
فاطمة الأم، التي تستقبل تحويلات من ابنها المغترب، تبكي وهي تحكي: "ابني يرسل 500 دولار شهرياً، في صنعاء تكفي للعيش بكرامة، لكن لو انتقلت لعدن ستختفي في أسبوعين". هذا الواقع المؤلم يعيشه ملايين اليمنيين الذين أصبحوا لا يعرفون القيمة الحقيقية لما في جيوبهم، بينما يشهد السوق فوضى عارمة وطوابير طويلة أمام محلات الصرافة. النتيجة المتوقعة كارثية: فقر مدقع في الشمال وغلاء معيشة خانق في الجنوب، مع تحذيرات الخبراء من ضرورة التحول للاحتفاظ بالذهب والعملات الأجنبية كملاذ أخير.
فجوة مدمرة، شعب يئن، عملة تحتضر - هذا هو الواقع اليمني اليوم. الوقت ينفد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وسط تساؤل مصيري: هل ستشهد المنطقة ولادة عملتين منفصلتين، أم أن التدخل الدولي العاجل يمكن أن ينقذ الوحدة الاقتصادية اليمنية؟ السؤال الأهم: كم من الوقت يمكن لشعب أن يبقى على قيد الحياة بعملة ميتة؟