في تطور زلزالي هز أركان كرة القدم العالمية، تتضارب الأنباء حول مستقبل فلورنتينو بيريز، الرجل الذي حول ريال مدريد من مجرد فريق إلى إمبراطورية بمليارات الدولارات خلال 25 عاماً من الحكم. بينما يؤكد صحفيو أوندا سيرو عدم نية الرئيس البالغ 78 عاماً المغادرة قبل انتهاء ولايته في 2028، تشير مصادر أخرى لخطة رحيل مخطط لها بعناية فائقة، في لحظة تاريخية قد تنهي حقبة الجالاكتيكوس إلى الأبد.
الصدمة اجتاحت دهاليز سانتياجو برنابيو عندما كتب الصحفي بيبي ألفاريز أن بيريز قرر المغادرة خلال العام المقبل، رغم أن ولايته تمتد رسمياً حتى 2028. "شاهدت الخوف في عيون الموظفين، كأن الأرض تهتز تحت أقدامهم"، يروي راميرو غونزاليز، عضو النادي منذ 30 عاماً. الرجل الذي حقق 5 ألقاب في دوري أبطال أوروبا خلال 8 سنوات فقط، معدل لم يحققه أي رئيس نادٍ في التاريخ، قد يترك عرشه في اللحظة التي وصل فيها النادي لقمة مجده المالي والرياضي.
خلف هذا التضارب الإعلامي، تختبئ 25 عاماً من الثورات والتحولات التي غيرت وجه كرة القدم. منذ وصوله عام 2000 بوعد مستحيل بجلب فيجو من برشلونة، مروراً بحقبة الجالاكتيكوس الأولى مع زيدان ورونالدو وبيكهام، وصولاً لاستقالته الشجاعة عام 2006 ثم عودته المظفرة 2009 بصفقة كريستيانو التاريخية. كل محطة كانت كالإعصار الذي غير مجرى نهر كرة القدم، حسب وصف د. خورخي فالدانو، مدير النادي السابق. مشروع تطوير برنابيو المكتمل أخيراً يمثل التتويج المثالي لإرثه، ملعب بتقنيات مستقبلية يحول مدريد لمركز عالمي للترفيه والرياضة.
لكن التأثير الحقيقي يتجاوز أرقام الألقاب والاستثمارات ليصل 500 مليون مشجع حول العالم. "من سيملأ الفراغ الكبير الذي سيتركه؟"، تتساءل كارمن رودريغيز، مشجعة مدريدية، وصوتها يرتجف من القلق. الخوف من المجهول يسيطر على الجماهير، بينما المستثمرون يترقبون اجتماع 23 نوفمبر الذي قد يحدد مصير أعظم مؤسسة رياضية في العالم. سيناريوهات متعددة تتراوح بين الانتقال التدريجي المخطط والفوضى الإدارية المحتملة، لكن شيئاً واحداً مؤكد: نهاية حقبة بيريز ستكون كاستقالة الملك خوان كارلوس - نهاية عصر إسباني مؤثر.
25 عام من الهيمنة التاريخية تقف الآن على مفترق طرق مصيري. الرجل الذي حول النادي من فريق عظيم إلى إمبراطورية تفوق ميزانيتها دولاً كاملة، قد يكتب الفصل الأخير من ملحمته قريباً. اجتماع 23 نوفمبر سيكشف الحقيقة كاملة، لكن السؤال الأهم يبقى معلقاً في الهواء: هل يستطيع ريال مدريد الاستمرار بدون معماره الأعظم، أم أن رحيل بيريز سيكون بداية انهيار إمبراطورية استغرق بناؤها ربع قرن؟