في تطور مدوي هز أوروبا من الأطلسي إلى البحر المتوسط، انسحبت أربع قوى أوروبية كبرى من مسابقة يوروفيجن 2026 خلال أسبوع واحد فقط، مهددة مصير حدث يتابعه 166 مليون مشاهد سنوياً. إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا وهولندا وجهت صفعة مدوية للاتحاد الأوروبي للبث، رافضة الصمت على مشاركة إسرائيل وسط الغضب المتصاعد حول أحداث غزة. الموعد النهائي لتسجيل المشاركات خلال 7 أيام فقط، والعد التنازلي بدأ لما قد يكون نهاية أسطورة موسيقية عمرها 70 عاماً.
كانت البداية مع هولندا، حين كشفت سارة موسكوف، المقدمة التلفزيونية الشهيرة، عن الضغط الهائل الذي تواجهه محطات البث الأوروبية. "شعرنا بعدم الارتياح الشديد تجاه إدراج إسرائيل بعد استخدامها السابق للمسابقة لتبييض جرائم الحرب"، قالت ناشطة حركة المقاطعة في هولندا، بينما كشفت أن الاتحاد الأوروبي للبث رفض حتى التصويت على استبعاد إسرائيل. في غضون ساعات، تبعتها إسبانيا بقرار حكومي رسمي، ثم أيرلندا وسلوفينيا، في انهيار متتالي يشبه سقوط أحجار الدومينو.
هذا ليس مجرد انسحاب عادي، بل زلزال ثقافي يذكرنا بمقاطعة أولمبياد موسكو 1980، لكن هذه المرة في الاتجاه المعاكس تماماً. الدكتور أحمد الريس، الناشط الحقوقي الذي نجح في إقناع محطات أوروبية بالضغط للانسحاب، يؤكد أن "هذا مجرد البداية، والضغط الشعبي وصل لنقطة اللاعودة". الأرقام صادمة: 4 دول من أصل 37 تعني فقدان 25% من القوة الأوروبية في المسابقة، وخسائر مالية محتملة بمليارات اليوروهات من عائدات الإعلانات والسياحة.
التأثير لن يقتصر على أوروبا وحدها. ملايين العائلات العربية والأوروبية التي اعتادت على طقس المشاهدة السنوي المقدس، ستجد نفسها أمام شاشات فارغة أو مسابقة منقوصة لا تحمل بريقها المعتاد. توماس فون، المخرج الموسيقي النمساوي الذي شهد اجتماعات مغلقة حول مصير المسابقة، كشف عن "صمت مطبق في قاعات بروكسل وذهول في تل أبيب". المنظمون يواجهون خيارات مرة: إما إصلاح جذري للقواعد، أو مسابقة بلا روح، أو إلغاء كامل للحدث الذي كان يجمع القارة في ليلة واحدة سحرية.
في النهاية، ما بدأ كاحتجاج على مشاركة واحدة، تحول إلى اختبار حقيقي لمستقبل الثقافة الأوروبية ومدى استقلاليتها عن السياسة. الدول المترددة لديها أسبوع واحد فقط لاتخاذ قرار قد يغير وجه أوروبا الثقافي إلى الأبد. السؤال المصيري يبقى معلقاً في الهواء: هل سنشهد ولادة عصر جديد من الفن المقاوم، أم نهاية حقبة ذهبية من التلاقي الثقافي الأوروبي؟