في تطور مذهل يكشف عمق الأزمة، أعلن الخبير الاقتصادي اليمني وفيق صالح أن احتمالية نجاح اليمن في تحقيق أهدافه الاقتصادية الأربعة معاً تبلغ صفراً في المئة، في ما أسماه "المربع السحري المستحيل". هذا الإعلان الصادم يعني أن الاقتصاد اليمني محاصر في دائرة مفرغة، حيث النجاح الاقتصادي والاستقرار المالي أصبحا عدوين لدودين لا يمكنهما التعايش. كل يوم يمر دون حلول جذرية يعمق جراح هذا الاقتصاد المنهار.
تكشف تفاصيل هذه الأزمة المدمرة معضلة اقتصادية فريدة من نوعها: عجز تام عن موازنة النمو الاقتصادي، التضخم المنخفض، استقرار الأسعار، وتوازن ميزان المدفوعات. "أحمد الحرازي"، تاجر صغير من صنعاء، يروي مأساته: "فقدت 80% من رأسمالي خلال شهرين فقط بسبب تقلبات العملة المجنونة". الأرقام تصرخ بالحقيقة المرة: معدل تضخم يقارب الصفر يعني موتاً اقتصادياً بطيئاً، بينما أي نمو اقتصادي حقيقي سيؤدي لانفجار تضخمي كارثي.
الجذور التاريخية لهذه الكارثة تمتد لسنوات الحرب المدمرة منذ 2015، التي حولت اليمن من اقتصاد متنامٍ إلى أنقاض مالية. تدهور البنية التحتية وانهيار العملة المحلية خلقا بيئة اقتصادية تشبه ألمانيا في أزمة التضخم المفرط عام 1923، كما يقول المحللون. صالح يؤكد أن "الاقتصاد اليمني أصبح كسيارة بأربع عجلات، كل عجلة تسير في اتجاه مختلف"، مما يجعل السيطرة على المسار شبه مستحيلة.
المواطن محمد العولقي يعيش هذه المأساة يومياً: "أصبحت أخطط لشراء الخبز كما كنت أخطط لشراء سيارة". الآثار المدمرة تضرب صميم الحياة اليومية - صفوف طويلة أمام محطات الوقود، أسواق شبه فارغة من البضائع المحلية، ورائحة الخوف تملأ البنوك عند كل محاولة لتبديل العملة. السيناريوهات المستقبلية قاتمة: الأسوأ يتمثل في انهيار كامل للعملة وتحول اليمن لاقتصاد المقايضة، بينما الأكثر احتمالاً استمرار التقلبات مع محاولات إصلاح جزئية فاشلة.
الخبير صالح يختتم بتحذير قاطع: "الحل لا يكمن في التنازل عن أحد الأهداف، بل في تصميم سياسات متوازنة تتجنب الحلول السحرية المستحيلة". اليمن اليوم في مفترق طرق حاسم بين النهوض التدريجي الواقعي والانهيار الاقتصادي الشامل. السؤال المحوري يبقى معلقاً: هل سينجح اليمن في كسر لعنة المربع السحري، أم أن الكارثة الاقتصادية الكاملة باتت مسألة وقت فحسب؟