في تطور يهز أسواق الذهب اليمنية، سجلت صنعاء انخفاضاً ملحوظاً في أسعار المعدن الأصفر بينما حافظت عدن على استقرار نسبي، مما خلق فجوة سعرية تصل إلى 15% بين المدينتين. 64,000 ريال - هذا ما تحتاجه لشراء جرام ذهب واحد عيار 21 في صنعاء اليوم، رقم يساوي راتب موظف حكومي لمدة شهرين كاملين، والفارق بين سعري الشراء والبيع وحده يكفي لشراء 50 كيس أرز. الخبراء يحذرون: أسعار متذبذبة كل ساعة، والتأخير قد يكلفك آلاف الريالات.
شهدت أسواق صنعاء صباح اليوم مشاهد مثيرة حين تراجعت أسعار جنيه الذهب إلى 497,000 ريال للشراء و502,000 ريال للبيع، بينما سجل جرام الذهب عيار 21 مستوى 61,700-64,000 ريال. "السوق يشهد حذراً شديداً من المستثمرين، الكل يراقب ولا أحد يجرؤ على اتخاذ قرارات كبيرة"، يقول علي الحداد، تاجر ذهب في السوق المركزي، وهو يراقب الزبائن يتأملون المعادن البراقة خلف الواجهات الزجاجية دون إقدام على الشراء. أحمد المهدي، موظف حكومي يراقب الأسعار منذ شهور لشراء خاتم زواج لابنته، يقف مكتوف الأيدي: "كلما ادخرت مبلغاً، أجد السعر قد ارتفع أكثر."
تأتي هذه التقلبات في سياق استمرار الأزمة الاقتصادية اليمنية التي ضربت أسواق المعادن النفيسة منذ 2014، حيث ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 300% مقارنة بما قبل الحرب. العوامل المؤثرة تشمل تذبذب سعر صرف الريال اليمني وانقسام العملة بين شمال وجنوب البلاد، إضافة إلى تقلبات أسعار الذهب العالمية. د. محمد الصنعاني، خبير اقتصادي، يوضح أن "هذا التباين بين المدن يعكس عمق التجزؤ الاقتصادي الذي تعيشه اليمن، فما نشهده ليس مجرد تقلبات عادية، بل انعكاس لواقع معقد." المؤشرات تشير إلى أن عدن استطاعت الحفاظ على استقرار نسبي بفضل ارتباطها بالدولار، بينما تعاني صنعاء من ضغوط عملة محلية متذبذبة.
في الأسواق الشعبية، تتردد أصوات المساومة ممزوجة برنين أجراس محلات الذهب، بينما تراقب النساء القطع الذهبية بحسرة واضحة. فاطمة النجار، ربة منزل، تروي قصة نجاحها: "بعت مجوهراتي الشهر الماضي بتوقيت مثالي وحققت ربحاً 20%، لكن الآن أعيد التفكير في الشراء." تأثيرات هذا التذبذب تمتد إلى قرارات الحياة اليومية، حيث تؤجل أسر كاملة خططها للزواج والهدايا، بينما تسارع أخرى لبيع مدخراتها الذهبية خوفاً من انخفاضات أكبر. الفرص تتراوح بين الاستفادة من فروق الأسعار بين المدن والشراء عند التراجعات، لكن المخاطر تشمل خسائر فادحة وتجميد الأموال في استثمارات متقلبة.
مع استمرار المراقبة الحثيثة للأسواق، تبقى التطورات القادمة محاطة بالغموض في ظل واقع اقتصادي معقد. الخبراء يتوقعون استقراراً نسبياً خلال الأسابيع القادمة، مع احتمال تحسن تدريجي مرتبط بتطورات الوضع السياسي العام. النصيحة الذهبية: راقب الأسعار عن كثب، نوع استثماراتك، ولا تضع كل مدخراتك في سلة واحدة. في عالم تتغير فيه الأسعار كأمواج البحر، هل ستجازف بركوب الموجة الآن، أم ستنتظر حتى تهدأ المياه؟