في ظاهرة اقتصادية لم تحدث من قبل، تشهد الأسواق اليمنية انهياراً مفاجئاً لأسعار الذهب بينما يحطم المعدن النفيس أرقاماً قياسية عالمياً بسعر 3,982 دولار للأوقية. نفس قطعة الذهب تساوي ثلاثة أضعاف قيمتها إذا انتقلت 400 كيلومتر فقط - من صنعاء إلى عدن! الخبراء يحذرون: الأسعار تتغير كل ساعة، وقرارك اليوم قد يحدد مصير مدخراتك للأبد.
في تطور صادم هز الأسواق المحلية، سجل جنيه الذهب في عدن 1,455,000 ريال بينما لا يتجاوز سعره في صنعاء 472,000 ريال - فارق يعادل راتب موظف لمدة ثلاثة أشهر كاملة! علي الصائغ، الذي يعمل في سوق الذهب منذ 30 عاماً، يروي بصوت مرتجف: "لم أشهد مثل هذا التناقض المرعب في حياتي. الذهب الذي اشتريته صباحاً بسعر، أصبح بالمساء بسعر مختلف تماماً." وسط أصوات حركة النقود وهمهمات التجار القلقين، تعكس وجوه المستثمرين حيرة شديدة أمام هذا اللغز الاقتصادي.
الأسباب وراء هذا الانقسام السعري الدراماتيكي تعود إلى تأثير الحرب على تقسيم الاقتصاد اليمني وتعدد أنظمة الصرف، بينما تلعب سياسات البنك الفيدرالي الأمريكي وحركة الدولار دوراً محورياً في رفع الأسعار عالمياً. د. محمد الاقتصادي، المحلل المالي، يؤكد: "هذا الانقسام السعري يعكس عمق الأزمة الاقتصادية - كمريض ترتفع حرارته بينما يشعر بالبرد، الذهب يسخن عالمياً ويبرد يمنياً." هذه الظاهرة تذكرنا بانهيار البورصة عام 1929، لكن بشكل معكوس ومرعب أكثر.
التأثير على الحياة اليومية للمواطنين بات واضحاً وقاسياً. فاطمة التاجرة، التي استطاعت مضاعفة أرباحها من خلال التجارة بين المناطق، تقول: "الفرصة ذهبية لمن يجرؤ، لكنها محفوفة بمخاطر جنونية." في المقابل، أحمد المدخر البالغ من العمر خمسين عاماً، فقد 40% من قيمة مدخراته الذهبية خلال شهر واحد، ويروي بحسرة: "كانت هذه مدخرات العمر لتزويج ابنتي، والآن لا أعرف ماذا أفعل." رائحة المعدن وبريق الذهب تحت أضواء المحلات لم تعد تبث الطمأنينة كما كانت، بل تثير القلق والترقب.
هذا التناقض الصارخ بين الأسعار العالمية والمحلية يعكس حقيقة مرة: عمق الأزمة الاقتصادية اليمنية وتأثيرها المدمر على أبسط استثمارات المواطنين. الخبراء يتوقعون استمرار عدم الاستقرار لفترة طويلة مع إمكانية تحسن تدريجي، لكن السؤال المحوري يبقى: في عالم تتحرك فيه الأسعار بسرعة الإعصار وتدمر التوقعات في دقائق - هل ستصمد مدخراتك أمام هذا الإعصار الاقتصادي المدمر؟