كشف الدكتور مساعد القطيبي، أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، عن توقعات مفاجئة بانخفاض حاد في سعر صرف الريال السعودي من مستوياته الحالية التي تبلغ حوالي 380 ريالاً يمنياً إلى ما يقارب 140 ريالاً، وذلك في أعقاب ضخ مبلغ ضخم يقدر بـ 40 مليون ريال سعودي مخصص لصرف رواتب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.

ويمثل هذا التدفق النقدي الاستثنائي حدثاً اقتصادياً بارزاً في سوق الصرف اليمني، والذي لم يشهد مثل هذا الحجم من السيولة الأجنبية منذ أشهر طويلة. فحسب التوقعات المطروحة، سيؤدي هذا الضخ إلى زيادة كبيرة في المعروض من النقد الأجنبي، مما يخفف الضغوط التضخمية بصورة تدريجية ويحسن من قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية.

تشهد أسواق الصرف اليمنية في الوقت الراهن تقلبات حادة تعكس حالة الانقسام النقدي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد. ففي مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، يتداول الريال السعودي بأسعار تتراوح بين 425 إلى 428 ريالاً يمنياً، بينما ينخفض في مناطق سيطرة الحوثيين إلى مستويات تبلغ حوالي 140 ريالاً فقط.

هذه الفجوة الشاسعة في أسعار الصرف تُظهر عمق التشوهات الهيكلية في الاقتصاد اليمني، حيث تطبق كل منطقة سياسات نقدية منفصلة تؤثر مباشرة على القدرة الشرائية للسكان ومستوى المعيشة العام. ويشكل الانقسام النقدي تحدياً كبيراً أمام أي محاولات لتوحيد السياسة الاقتصادية في البلاد.

يربط الخبير الاقتصادي هذا التطور المالي المتوقع بالتحسينات السياسية المحتملة التي قد تشهد انفراجاً في الأزمات الداخلية. كما يعكس هذا الضخ النقدي احتمالية التوصل لاتفاقات تدعم استقرار الوضع العام في البلاد، خاصة مع الحاجة الماسة لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

يعاني المواطنون في مناطق سيطرة الحكومة من معاناة اقتصادية شديدة بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة المستمر وتراجع القوة الشرائية للريال اليمني. فبينما يصل سعر شراء الريال السعودي حالياً إلى 330 ريالاً يمنياً وسعر البيع إلى 380 ريالاً، فإن الانخفاض المتوقع إلى مستوى 140 ريالاً سيعني تحولاً جذرياً في أسعار السلع المستوردة.

سيترجم هذا الانخفاض المتوقع في سعر الصرف اليمني إلى تحسن ملموس في المستوى المعيشي للأسر اليمنية، حيث ستنخفض أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية المستوردة بصورة كبيرة. هذا التحسن المتوقع يأتي في وقت حرج تشهد فيه البلاد أزمة إنسانية متفاقمة تؤثر على ملايين المواطنين.

غير أن مراقبين ماليين يحذرون من أن التأثير الإيجابي لهذا التدفق النقدي سيكون مرهوناً بقدرة البنك المركزي اليمني على ضبط حركة السوق بفعالية. كما يؤكدون على ضرورة منع عمليات المضاربة التي قد تعكس مسار التحسن المتوقع وتحول دون تحقيق الفوائد المرجوة من هذا الضخ الاستثنائي.

تبقى هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد اليمني، خاصة مع استمرار الأزمة السياسية والأمنية التي تؤثر على الاستقرار النقدي طويل المدى. كما أن نجاح هذه التوقعات يعتمد على عوامل عديدة منها مدى استمرارية الدعم المالي واستقرار الأوضاع السياسية في المناطق المختلفة.

رغم التوقعات الإيجابية المطروحة، تشير البيانات الدولية إلى استمرار تحديات الأمن الغذائي في اليمن، حيث يُتوقع أن يظل أكثر من 18 مليون يمني في حالة انعدام شديد للأمن الغذائي حتى فبراير 2026. هذا يؤكد أن التحسن في قيمة العملة وحده غير كافٍ لحل الأزمة الإنسانية المتفاقمة دون معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة.

يأتي هذا التطور النقدي المتوقع في سياق تحسن نسبي شهدته العملة اليمنية خلال الأشهر الماضية، حيث استعادت أكثر من 45% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي في مناطق الحكومة. هذا التحسن جاء نتيجة تدخلات البنك المركزي وسحب تراخيص شركات صرافة متهمة بالتلاعب في أسعار الصرف.

أكدت السفيرة البريطانية لدى اليمن عبده شريف على أهمية الاستقرار الحالي للعملة الوطنية، واعتبرته عاملاً حيوياً لدعم الاقتصاد اليمني. وشددت على ضرورة اتخاذ خطوات سريعة نحو الإصلاحات الاقتصادية الأساسية لضمان استدامة أي تحسن في قيمة العملة المحلية.

يواجه اليمن منذ سنوات تحديات اقتصادية قاسية، أبرزها تراجع حاد في قيمة العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم بصورة متسارعة. هذا ما جعل أي تدفق للعملات الأجنبية بمثابة فرصة نادرة لتحسين الوضع المعيشي للملايين من اليمنيين الذين يعيشون تحت خط الفقر في ظروف اقتصادية استثنائية.