في تطور صادم هز المنطقة العربية، أنقذت المملكة العربية السعودية مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين من براثن الجوع بإيداع 90 مليون دولار في البنك المركزي بعدن خلال ساعات قليلة. بعد 4 أشهر من المعاناة بلا رواتب، استيقظ الموظفون المدنيون والعسكريون على معجزة حقيقية انتشلتهم من أزمة خانقة كادت تدمر حياتهم. الخبراء يؤكدون: هذه اللحظة الفاصلة بين الانهيار الكامل والإنقاذ الاقتصادي.
وصلت الأموال السعودية كدفعتين أوليتين من إجمالي دعم مقداره 368 مليون دولار، وبدأ البنك المركزي فوراً في صرف المرتبات المتأخرة وسط مشاهد مؤثرة من الفرح والراحة. أحمد محمد، موظف حكومي وأب لثلاثة أطفال، روى لحظة استلام راتبه: "كان الأمر وكأنني أتنفس الصعداء بعد اختناق طويل، أطفالي لم يروا اللحوم منذ شهرين." الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أثنى على الإجراءات السعودية العاجلة قائلاً: "هذه الخطوة أسهمت بشكل مباشر في التعجيل بصرف رواتب الموظفين وتعزيز الاستقرار المالي."
الأزمة التي أنقذتها السعودية لم تكن عادية، بل كارثة اقتصادية حقيقية نتجت عن هجمات الحوثيين المتتالية على موانئ تصدير النفط منذ أكتوبر 2022. الحكومة اليمنية فقدت مصدراً يشكل 70% من ميزانيتها، وتكبدت خسائر مذهلة بلغت 3 مليارات دولار خلال 3 سنوات فقط. كالمريض الذي ينزف ببطء، كان الاقتصاد اليمني يحتضر تدريجياً منذ بداية الحرب عام 2014، لكن ضربة موانئ النفط كانت الطعنة القاتلة التي أوصلته لحافة الهاوية.
تأثير هذا الإنقاذ السعودي امتد كموجة عارمة عبر شوارع عدن وبقية المناطق الحكومية، حيث عادت الحيوية للأسواق بعد شهور من الركود المميت. فاطمة علي، أم لخمسة أطفال وزوجة عسكري، لم تتمالك دموعها: "كنا نعيش على الدين والمساعدات، اليوم أستطيع أخيراً شراء الخبز لأطفالي دون استجداء." البنوك شهدت طوابير غير مسبوقة، لكنها كانت طوابير فرح لا يأس، بينما ماكينات الصراف عملت بلا توقف لتلبية احتياجات مئات الآلاف من الموظفين المحرومين من مرتباتهم.
هذا الدعم السعودي، الذي وصل كقطرة ماء في صحراء قاحلة، يمثل أكثر من مجرد مساعدة مالية - إنه شريان حياة لدولة كانت على وشك الموت الاقتصادي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن: هل ستكون هذه بداية النهاية لأزمة اليمن المالية المدمرة، أم مجرد استراحة محارب قبل معركة اقتصادية أشرس مع استمرار العدوان الحوثي؟