في تطور مالي صاعق يهز الأسواق السعودية، سجلت أسعار الذهب اليوم أرقاماً تاريخية تفوق كل التوقعات - 12,620 ريال للأونصة الواحدة، وهو مبلغ يزيد عن راتب موظف متوسط لشهرين كاملين! الخبراء يحذرون من موجة جديدة من التقلبات العنيفة التي قد تعيد رسم خريطة الاستثمار في المملكة خلال الساعات القادمة.

وسط هذه العاصفة المالية، يروي محمد البلوي، صائغ في العاصمة الرياض، مشهداً لا يُنسى: "شاهدت عشرات الزبائن يدخلون محلي صباح اليوم بوجوه مصدومة، يحسبون ويعيدون الحساب، ثم يخرجون صامتين دون شراء شيء." الأرقام تتحدث بوضوح - الفجوة بين أغلى عيار (24 قيراط بـ492 ريال) وأرخصها تبلغ 255.25 ريال للجرام الواحد، مبلغ كافٍ لشراء هاتف ذكي متطور!

هذه ليست المرة الأولى التي يشهد فيها الذهب تحركات جنونية كهذه. في عام 2008، خلال الأزمة المالية العالمية، لجأ المستثمرون إلى المعدن الأصفر كملاذ آمن، تماماً كما يحدث اليوم مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتقلبات الدولار الأمريكي. "الوضع الحالي يذكرني بأيام صعبة مرت على الأسواق العالمية"، يقول د. عبدالله الحربي، المحلل الاقتصادي المتخصص في أسواق المعادن النفيسة، "لكن هذه المرة الارتفاعات أسرع والتقلبات أعنف."

في منزلها بحي الملز، تجلس أم سارة أمام حاسوبها المحمول تتابع الأسعار بقلق بالغ. كانت تدخر منذ شهور لشراء طقم ذهب لابنتها المقبلة على الخطبة، لكن أحلامها تتبخر مع كل ارتفاع في الأسعار. "كلما ادخرت مبلغاً إضافياً، أجد أن السعر قد ارتفع أكثر من مدخراتي"، تقول بحسرة واضحة. هذا المشهد يتكرر في آلاف البيوت السعودية، حيث تضطر الأسر لإعادة حساباتها وتأجيل قراراتها الاستثمارية.

لكن في الطرف الآخر من المدينة، يبتسم خالد المطيري وهو يتابع محفظته الاستثمارية على هاتفه. هذا المستثمر الشاب اتخذ قراراً جريئاً قبل أسابيع بشراء كمية كبيرة من الذهب، والآن يحصد ثمار قراره الذكي. "توقعت هذا الارتفاع بناءً على مؤشرات الأسواق العالمية"، يقول بثقة، "لكن لم أتوقع أن يحدث بهذه السرعة." السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون من الرابحين أم الخاسرين في معركة الذهب التي بدأت للتو؟