في مفارقة تهز الأسواق اليمنية، يشهد الذهب انخفاضاً طفيفاً محلياً بينما يحلق عالمياً إلى مستوى قياسي عند 4084 دولاراً للأوقية. الأكثر صدمة أن 915 ألف ريال يمني هو الفارق الجنوني في سعر جنيه الذهب الواحد بين عدن وصنعاء في نفس اليوم! خبراء يحذرون: هذه الفوضى السعرية قد تكلفك مدخرات العمر أو تمنحك فرصة ذهبية للثراء.

تكشف أرقام اليوم الأحد 16 نوفمبر عن حقيقة صادمة: عيار 21 يُباع في عدن بـ195,500 ريال بينما لا يتجاوز في صنعاء 62,800 ريال - فارق يصل إلى 197%! فاطمة العدنية، ربة منزل أربعينية، تروي صدمتها: "جئت لبيع قلادة أمي الذهبية لعلاج جدتي، فإذا بي أكتشف أن نفس القطعة تُباع في صنعاء بثلث السعر فقط!" هذا التشويش السعري يعكس عمق الانقسام الاقتصادي الذي يمزق البلاد.

الجذور التاريخية لهذه الفوضى تعود إلى انقسام البنك المركزي عام 2016، مما خلق نظامين نقديين منفصلين كالعملة في عهد انقسام ألمانيا. "الوضع أشبه بشراء نفس السيارة بأسعار مختلفة في مدن متجاورة"، يوضح د. أحمد السعيدي، خبير اقتصادي. محمد التاجر الماهر استطاع تحقيق أرباح طائلة من شراء الذهب من صنعاء وبيعه في عدن، لكنه يحذر: "المخاطر عالية والأسعار تتغير كل ساعة حسب مزاج السوق."

هذه الفوضى السعرية تترك المواطنين في حيرة مؤلمة. علي الصائغ من صنعاء يشهد يومياً مشاهد الصدمة: "الناس تأتي تسأل عن الأسعار وتجحظ عيونها عند سماع الفروقات مع عدن." الفارق الـ915 ألف ريال في جنيه الذهب يعادل راتب موظف حكومي لمدة عامين كاملين، مما يجعل الذهب حلماً بعيد المنال للكثيرين في صنعاء بينما يبقى استثماراً باهظ التكلفة في عدن.

بينما يحلق الذهب عالمياً إلى آفاق جديدة، يبقى السؤال المؤرق: هل سيظل الذهب ملاذاً آمناً في بلد تمزقه الفوضى الاقتصادية؟ الخبراء ينصحون بالحذر الشديد ومراقبة الأسعار لحظة بلحظة، فالمستقبل يحمل إما فرصاً ذهبية لا تُعوض أو خسائر قد تدمر مدخرات العمر في لمح البصر.