أعلنت المديرية العامة للجوازات السعودية عن إطلاق برنامج ثوري يسمح بإلغاء نظام الكفيل ومنح إقامة دائمة استثنائية بتكلفة منخفضة تبلغ 4000 ريال فقط، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام فئات محددة من المقيمين للاستقرار في المملكة دون القيود التقليدية. هذه المبادرة الطموحة تأتي ضمن استراتيجية شاملة لتحويل المملكة إلى وجهة عالمية جاذبة للكفاءات والاستثمارات في إطار رؤية 2030.
يستهدف البرنامج الجديد فئات نوعية من المقيمين الذين أثبتوا قدرتهم على المساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة. تشمل هذه الفئات الكفاءات العلمية والمهنية المتميزة في التخصصات النادرة مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والأمن السيبراني، إضافة إلى المتخصصين الطبيين في المجالات الدقيقة كجراحة القلب والأورام والتخصصات النادرة.
تتضمن الامتيازات الاستثنائية للإقامة الدائمة الجديدة حزمة شاملة من المزايا التي تجعلها الخيار الأمثل للاستقرار طويل المدى. يحصل المستفيدون على حق التملك السكني وإدارة الأنشطة التجارية وفق الأنظمة المعمول بها، مع حرية كاملة في التنقل داخل وخارج المملكة دون الحاجة لموافقات من كفيل. كما يتمتع حاملو هذه الإقامة بإمكانية الاستفادة من الخدمات الحكومية الإلكترونية وفتح الحسابات المصرفية واستقدام أفراد الأسرة، مما يوفر استقراراً عائلياً متكاملاً.
حددت السلطات السعودية معايير دقيقة للفئات المؤهلة للحصول على هذه الإقامة المميزة، حيث تركز بشكل أساسي على العلماء والمهندسين في قطاعات الطاقة المتجددة والفضاء والتخطيط الحضري المتقدم. يشمل البرنامج أيضاً رواد الأعمال والمستثمرين الذين يقدمون مشاريع نوعية في القطاعات ذات الأولوية، بالإضافة إلى فئة خاصة من كبار السن الذين أقاموا بشكل قانوني في المملكة لمدة تزيد عن عشر سنوات متواصلة، تقديراً لمساهماتهم الطويلة في بناء المجتمع السعودي.
أوضحت المديرية العامة للجوازات أن عملية التقديم تتم بالكامل عبر المنصة الوطنية الموحدة، مع اشتراط توفر سجل جنائي نظيف وإثبات مصدر دخل قانوني ومستقر. يجب على المتقدمين أيضاً إثبات إقامتهم النظامية داخل المملكة لعدة سنوات متواصلة وأن يكونوا خالين من الأمراض المعدية مع اجتياز الفحص الطبي المقرر ضمن متطلبات وزارة الداخلية. تخضع جميع الطلبات للمراجعة من قبل لجان مختصة للتأكد من مطابقة المعايير قبل منح الإقامة الدائمة بشكل نهائي.
تبلغ رسوم الإقامة الدائمة الجديدة 4000 ريال فقط كرسوم أساسية، مما يجعلها الأقل تكلفة بين جميع الفئات المماثلة في المنطقة والعالم، وهو ما يعكس استراتيجية المملكة في جذب أكبر عدد ممكن من الكفاءات والمواهب العالمية. هذا السعر التنافسي يمثل استثماراً استراتيجياً في بناء اقتصاد معرفي متطور، حيث تهدف الحكومة السعودية من خلاله إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز بيئة الاستثمار عبر جذب الكفاءات الأجنبية ورؤوس الأموال.
يأتي هذا القرار التاريخي في سياق جهود شاملة لتحويل المملكة إلى مركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا، حيث تسعى الحكومة إلى نقل المعرفة والخبرة إلى الاقتصاد الوطني وتوطين الخبرات النوعية. تهدف المبادرة إلى تعزيز جاذبية سوق العمل المحلي وتشجيع المقيمين المؤهلين على الاستقرار والمشاركة الفعالة في التنمية المستدامة، مما يساهم في بناء مجتمع معرفي متقدم يدعم تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة.
لاقى الإعلان عن برنامج الإقامة الدائمة بدون كفيل اهتماماً واسعاً من المقيمين والخبراء ورجال الأعمال داخل المملكة وخارجها، الذين وصفوه بأنه نقلة نوعية حقيقية في سياسات الإقامة والاستثمار. يرى المختصون أن الرسوم المنخفضة البالغة 4000 ريال فقط تمثل حافزاً قوياً لجذب فئات جديدة من الكفاءات والمستثمرين الراغبين في المشاركة في النهضة الاقتصادية والتنموية التي تشهدها المملكة، خاصة في ظل المرونة والحرية التي توفرها هذه الإقامة مقارنة بالأنواع التقليدية.
تمثل هذه المبادرة الثورية جزءاً من التحول الشامل الذي تشهده السياسات السعودية في قطاع الإقامات والتأشيرات، حيث سبق وأن أطلقت المملكة برامج مشابهة مثل نظام العمل المرن وتأشيرات الزيارة المتنوعة والبطاقة الخضراء. هذا التنوع المتزايد في خيارات الإقامة يوفر للمقيمين والمستثمرين مرونة أكبر في اختيار النوع الأنسب لظروفهم المهنية والشخصية وأهدافهم الاستثمارية طويلة المدى، مما يعزز من جاذبية المملكة كوجهة مفضلة للعيش والعمل والاستثمار على المستوى الإقليمي والعالمي.
