تشهد الأسواق اليمنية صدمة اقتصادية حقيقية مع تسجيل فجوة تصل إلى 300% في أسعار الذهب بين صنعاء وعدن، حيث بلغ سعر جرام الذهب عيار 21 في عدن 200,000 ريال يمني مقابل 51,500 ريال فقط في صنعاء، مما يكشف عن انقسام اقتصادي مدمر يهدد الاستقرار المالي للبلاد.
يعزو خبراء اقتصاديون هذا التفاوت الصادم إلى الانقسام السياسي المستمر منذ عام 2014، والذي أدى إلى تطبيق أنظمة صرف مختلفة في مناطق النفوذ المتعددة. فبينما تخضع صنعاء لنظام صرف يديره البنك المركزي في المنطقة الشمالية، تتبع عدن نظاماً مختلفاً يديره البنك المركزي في العاصمة المؤقتة.

ويؤكد تجار الذهب في المدينتين أن استمرار هذه الفجوة الكارثية يمثل تهديداً حقيقياً للاقتصاد الوطني، مشيرين إلى أن الوضع "كارثي ولا يمكن أن يستمر" كما صرح أحد الخبراء الاقتصاديين المختصين في أسواق المعادن النفيسة.
وقد تفاقمت هذه الأزمة مؤخراً عقب قرار حكومي بصرف مرتبات موظفي الدولة والمتأخرات، مما أدى إلى انهيار إضافي في قيمة الريال اليمني. حيث وصل سعر صرف الدولار الأمريكي في عدن إلى 1,629 ريال للبيع مقابل 536 ريال فقط في صنعاء، بينما بلغ سعر الريال السعودي في عدن 427 ريالاً مقابل 140 ريالاً في صنعاء.
تشير التحليلات الاقتصادية إلى أن هذا التدهور ناتج عن انقباض الاحتياطي النقدي للبلاد وزيادة اللجوء إلى العملات الأجنبية، إضافة إلى ضعف الثقة في آليات السياسة النقدية المطبقة في المناطق المختلفة.
وعلى صعيد الحياة اليومية، تحول الذهب من وسيلة ادخار تقليدية إلى رفاهية مستحيلة، حيث اضطرت العائلات اليمنية لبيع مجوهراتها لمواجهة متطلبات الحياة الأساسية. ويحذر محللون من أن هذا الوضع قد يؤدي إلى نشوء طبقتين اقتصاديتين منفصلتين بشكل واضح، مع استمرار استفادة المضاربين من هذا الوضع الفوضوي.
ويؤكد خبراء مختصون أن استمرار هذا المسار سيؤدي حتماً إلى تضخم حاد في أسعار السلع الأساسية، وتراجع أكبر في القوة الشرائية لموظفي الدولة الذين بات راتبهم اليوم لا يكفي لتغطية المتطلبات الأساسية للعيش.
ويطالب مراقبون اقتصاديون بتدخل عاجل لمعالجة هذا الانقسام المدمر الذي بدأ بالفعل ينخر في الاقتصاد الوطني، مؤكدين أن الوضع الحالي يشبه إلى حد كبير انقسام ألمانيا الشرقية والغربية سابقاً، لكن مع تهديد أكبر بسبب انهيار منظومة صرف العملة بالكامل.