تكشف الدراسات الحديثة لمؤشرات حرية التنقل العالمية حقيقة صادمة حول الواقع المؤلم للمواطن اليمني في عالم السفر الدولي. تحتل ثماني دول فقط قائمة الوجهات التي تفتح أبوابها أمام حاملي الجواز اليمني دون الحاجة للحصول على تأشيرة مسبقة، في مقابل 147 دولة تفرض إجراءات تأشيرة معقدة.

وتظهر البيانات الصادرة عن مؤشر "هنلي لباسبورت إندكس" لعام 2025 أن اليمن تحتل المركز الرابع من قاع التصنيف العالمي، مما يعكس العزلة الدبلوماسية القاسية التي يعيشها المواطنون اليمنيون.
تتضمن القائمة المحدودة للدول التي تستقبل اليمنيين بدون تأشيرة: السودان، ماليزيا، جزر كوك، دومينيكا، سانت فنسنت والغرينادين، ميكرونيسيا، وهايتي. وتُعتبر ماليزيا الوجهة الأكثر أهمية اقتصادياً وتعليمياً من بين هذه الدول، بينما يحظى السودان بإقبال كبير بسبب قربه الجغرافي والروابط الثقافية التاريخية.
في السياق ذاته، تقدم اثنتان وعشرون دولة أخرى نظام التأشيرة عند الوصول، والذي يوفر مرونة نسبية أكبر للمسافرين اليمنيين. تشمل هذه الدول المالديف وجزر القمر وجيبوتي ورواندا وسريلانكا وسيشيل ولبنان ومدغشقر، رغم تباين شروط الحصول على هذه التأشيرات بين دولة وأخرى.
ويبرز السودان كنموذج استثنائي في تعامله مع الجالية اليمنية، حيث أعلنت الحكومة السودانية مؤخراً عن منح المواطنين اليمنيين فترة استثنائية تمتد لثلاثة أشهر لتسوية أوضاعهم القانونية، مع تقديم إعفاءات شاملة من التأشيرات ورسوم الإقامة وغرامات التأخير. أكد الدكتور عبدالحق يعقوب، ملحق شؤون المغتربين في السفارة اليمنية بالسودان، تقديره العميق لهذه المبادرة النوعية التي تجسد مستوى العلاقات الأخوية بين الشعبين.
تشمل التسهيلات السودانية إعفاءات كاملة من تأشيرة الدخول للقادمين من اليمن، إضافة إلى إلغاء رسوم الإقامة وغرامات التأخير، مع استثناء فئات محددة مثل تأشيرات العمل والاستثمار التي تبقى خاضعة للإجراءات القانونية المعتادة.
وتربط التقارير المتخصصة هذه القيود الصارمة بالأوضاع السياسية والأمنية المعقدة في اليمن، والتي أدت إلى تراجع العلاقات الدبلوماسية مع العديد من دول العالم. كما تشير المخاوف الدولية من الهجرة غير النظامية كعامل إضافي في تشديد إجراءات منح التأشيرات.
ويكشف ترتيب اليمن في المركز الرابع من القاع عالمياً - متشاركاً مع باكستان - عن قدرة حاملي الجواز اليمني على زيارة 33 دولة فقط دون تأشيرة مسبقة، في مقابل 193 دولة متاحة لحاملي الجواز السنغافوري الذي يتصدر التصنيف العالمي.
تؤثر هذه القيود بشكل مباشر على قطاعات واسعة من اليمنيين، خاصة الطلاب والباحثين ورجال الأعمال والمرضى الباحثين عن علاج خارجي، حيث تضطر أعداد منهم للتخلي عن فرص دراسية أو علاجية أو تجارية بسبب رفض أو تأخر طلبات التأشيرة.
في المقابل، توفر 51 دولة إضافية نظام التأشيرات الإلكترونية، بما فيها الإمارات وقطر والبحرين وعمان وباكستان وأستراليا وتايلاند وسنغافورة وفيتنام، مما يشكل حلاً وسطاً يتجاوز بعض معوقات التأشيرات التقليدية.
ويشير متخصصون في الشؤون الدبلوماسية إلى مؤشرات إيجابية محتملة لتحسين وضع الجواز اليمني مستقبلاً، حيث تسعى الحكومة اليمنية لإبرام اتفاقيات ثنائية جديدة مع عدة دول لتسهيل تنقل المواطنين. كما يحمل التحول العالمي نحو رقمنة أنظمة التأشيرات فرصاً واعدة لتبسيط إجراءات السفر وتقليل العوائق البيروقراطية.
تظل رحلة المواطن اليمني في عالم التنقل الدولي محفوفة بتحديات جمة، محصورة بين خيارات محدودة وإجراءات معقدة، بينما تمثل المبادرات الإقليمية مثل التسهيلات السودانية بصيص أمل في ظل الظروف الاستثنائية التي تواجه اليمن وشعبه.