في تطور مؤثر هز مشاعر الملايين، نجح مواطن يمني واحد في تحقيق ما عجزت الحكومة عن فعله لأكثر من عقد من الزمن - أصلح بأمواله الخاصة طريق العبر الدولي الذي ابتلع عشرات الأرواح البريئة. هذا الرجل المجهول حول "طريق الموت" إلى طريق آمن خلال أيام قليلة، في مشهد يعيد الأمل لشعب عانى سنوات من الإهمال والتقصير الحكومي.
أبو محمد الخيّر، كما يُعرف محلياً، استخدم أمواله الخاصة لشراء الإسفلت وردم الحفر القاتلة التي حولت رحلات المسافرين إلى كوابيس مرعبة. "كنت أسافر بالخوف والرعب، والآن أشعر بالأمان لأول مرة منذ سنوات"، تقول فاطمة المسافرة وهي تكافح الدموع. أحمد المسافر، سائق شاحنة من تعز، فقد أخاه في حادث مأساوي على نفس الطريق العام الماضي: "لو كان هذا الرجل الطيب فعل ذلك قبل عام، لكان أخي لا يزال معنا اليوم."
طريق العبر-الوديعة، الشريان الحيوي الذي يربط اليمن بالسعودية، شهد تدهوراً كارثياً منذ بداية الحرب عام 2014. الحفر العميقة التي وصل عمق بعضها إلى متر واحد - كافية لابتلاع إطار شاحنة كاملة - حولت الطريق إلى فخاخ موت حقيقية. د. علي الطرقي، مهندس طرق يمني، يؤكد: "هذه المبادرة البطولية قد تنقذ مئات الأرواح سنوياً، إنها مثل بناء الجسور في العصر الأموي عندما كان الأفراد يبنون للأمة."
التأثير الإيجابي للمبادرة بدأ يظهر فوراً على حياة آلاف المسافرين يومياً. تقليل حوادث انفجار الإطارات بنسبة كبيرة، وتوفير مئات الريالات شهرياً لكل سائق في تكاليف صيانة المركبات، بالإضافة إلى الراحة النفسية التي لا تُقدر بثمن. المبادرة انتشرت كالنار في الهشيم على وسائل التواصل، مُلهمة العشرات من فاعلي الخير الآخرين للتفكير في مبادرات مماثلة. التجار وأصحاب الشاحنات يصفون المبادرة بـ"المعجزة الإنسانية" التي أعادت الأمل في وقت اليأس.
هذه المبادرة الاستثنائية تطرح سؤالاً محورياً حول مسؤولية المواطن تجاه وطنه عندما تتقاعس الحكومات عن أداء واجباتها الأساسية. رجل واحد، بقلب كبير وإرادة صلبة، أثبت أن المستحيل ممكن عندما تجتمع النية الصادقة مع العمل الجاد. السؤال الآن: متى ستتحول هذه المبادرات الفردية إلى مسؤولية جماعية تعيد بناء الوطن حجراً حجراً؟