في صدمة هزت الأوساط الاقتصادية، أصبحت فرنسا أول دولة في أوروبا تزيد ديونها عن 113% من ناتجها المحلي، مما يجعل الديون تتخطى اقتصادها بالكامل - وهو رقم يُذكر الجميع بما حدث في اليونان سابقاً. بالنسبة لبريطانيا، فإن التحذيرات واضحة، فما يجري في فرنسا قد يكون مستقبلها. الخبراء يُقرعون الأجراس، الوقت ينفد، والقرارات الحاسمة يجب أن تُتخذ سريعاً لتجنب كارثة اقتصادية تلوح في الأفق.
الحدث الرئيسي في فرنسا يكمن في سقوط حكومة فرنسوا بايرو بعد رفض البرلمان لخطة تقشف بقيمة 44 مليار يورو، وهي خطة كانت تهدف إلى تقليص الإنفاق العام وتقليل العجز المالي المتضخم. ومن الأرقام الدقيقة، تُعتبر فرنسا الآن ثالث أكبر مدين في العالم. "نحن نسير في نفس الاتجاه"، يقول المحلل الاقتصادي ماثيو لين مؤكداً أن بريطانيا قد تواجه مصيراً شبيهاً إن لم تتخذ تدابير فورية. على الأرض، يهرب المصرفيون من باريس، والاستثمارات تتراجع مع تضاؤل الثقة في الأسواق المالية.
منذ عام 2018، فرنسا تعيش سلسلة من الأزمات، بدءاً بحركة السترات الصفراء ومروراً باحتجاجات إصلاح نظام التقاعد، وصولاً إلى الانقسامات السياسية التي أطاحت الآن بالحكومة. الرفض الشعبي للخطوات التقشفية، مثل ما حدث في الاضطرابات الجزائر 1990، يجعل من الصعب جداً تنفيذ أي إصلاحات جذرية. الخبراء يحذرون من أن العدوى الاقتصادية قد تنتقل إلى بريطانيا، حيث من المتوقع أن تصل نسبة الدين إلى 100% من الناتج المحلي قريباً.
انعكاسات الأزمة على الحياة اليومية للفرنسيين ستكون ملموسة بكل أبعادها، بداية من إلغاء إجازات رسمية وزيادة الضرائب، وصولاً إلى تقليص الخدمات العامة. في بريطانيا، هناك فرصة فريدة لتجنب هذا المصير من خلال تنفيذ إصلاحات اقتصادية فورية وتعلم الدروس من تجربة فرنسا الحالية. الردود العامة تتراوح بين الغضب الشعبي القوي والقلق المتزايد بين المستثمرين والنخب الاقتصادية.
مع ختام هذه الأزمة وكما يشير الاقتصاديون، فإن الوقت ينفد بشكل مثير للقلق لكل من فرنسا وبريطانيا. الخيارات محدودة والإصلاحات الضرورية يجب أن تُطبق الآن قبل أن تتفاقم الأوضاع بشكل لا يمكن الرجوع عنه. التحدي الحالي لبريطانيا هو: هل ستتعلم من كارثة فرنسا، أم ستفتح المجال لتكرارها على أرضها؟