أعلنت مصادر متخصصة أن مشروع جسر باب المندب العملاق، الذي يقدر بـ20 مليار دولار أمريكي، يحمل إمكانات تحويلية هائلة قد تنقل اليمن من بؤرة صراع إقليمي إلى مركز تجاري استراتيجي يربط بين 16 دولة أفريقية ودول الخليج العربي. المشروع المقترح، والمعروف أيضاً باسم "جسر القرن الإفريقي"، يهدف لإقامة رابط بري مباشر عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي.
يمتد التصميم المقترح للجسر على مسافة 28.5 كيلومتر فوق المياه، ويتضمن طريقاً سريعاً بستة مسارات إلى جانب خط سكة حديد متطور بأربعة مسارات. البنية التحتية المخططة تشمل أيضاً خطوط نقل الغاز والمياه، مما يعزز التواصل الخدماتي والاقتصادي بين القارتين الآسيوية والأفريقية.
تكمن الرؤية الطموحة للمشروع في إنشاء "مدينتي النور" على طرفي الجسر، واحدة في الأراضي اليمنية والأخرى في جيبوتي، بمساحة إجمالية تبلغ 2100 كيلومتر مربع. هذا التطوير الحضري الضخم سيشكل مراكز تجارية ولوجستية متقدمة تخدم حركة التجارة العابرة للقارات.
طُرحت فكرة هذا المشروع الاستراتيجي لأول مرة عام 2008، وتتراوح تكلفته التقديرية بين 10 إلى 20 مليار دولار أمريكي. الخبراء الاقتصاديون يشيرون إلى أن تنفيذ الجسر سيحدث نقلة نوعية في الاقتصادات الإقليمية، حيث سيعزز الربط التجاري بين دول الخليج العربي وأكثر من 16 دولة أفريقية، مما يخلق شبكة تجارية متكاملة تمتد عبر القارتين.
التأثير التحويلي المتوقع للمشروع يشمل اختصار المسافات وتقليل زمن نقل البضائع والمسافرين بشكل كبير، مما سينعكس إيجابياً على تكاليف النقل والشحن ويعزز كفاءة التبادل التجاري. هذا التطوير سيضع اليمن في موقع استراتيجي فريد كمركز عبور رئيسي بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب.
بالإضافة للفوائد الاقتصادية المباشرة، يحمل المشروع أهمية جيوسياسية كبرى في تعزيز الأمن الإقليمي لمنطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي. المختصون يتوقعون أن يساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمني في منطقة تواجه تحديات متعددة، من خلال خلق فرص عمل واستثمارات ضخمة تنعكس إيجابياً على المجتمعات المحلية.
رغم الإمكانات الواعدة، يواجه مشروع جسر باب المندب تحديات جوهرية يأتي في مقدمتها الوضع الأمني والسياسي المضطرب في اليمن. الصراع المستمر منذ سنوات أدى إلى تعطيل إمكانية المضي قدماً في التنفيذ، حيث تحتاج مشاريع البنية التحتية الضخمة إلى بيئة مستقرة ومناخ آمن للاستثمار.
التحديات الفنية واللوجستية تشكل عقبة إضافية، حيث تتطلب إقامة جسر بهذا الحجم فوق مضيق مائي استراتيجي تقنيات هندسية متطورة وخبرات فنية عالية المستوى. كما يضاف تحدي التمويل الضخم، الذي يتطلب حشد استثمارات كبيرة واتفاقيات تمويل دولية معقدة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في المنطقة.
رغم بقاء المشروع في مرحلة التخطيط دون اتفاقيات إطارية رسمية، يظل هناك اهتمام متجدد بإحياء هذه الرؤية الاستراتيجية. المشروع يمثل فرصة حقيقية لإعادة تشكيل مستقبل المنطقة، خاصة مع تزايد الاهتمام الدولي بأهمية منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر كممرات تجارية حيوية عالمياً.