كشفت التطورات الأخيرة في الأسواق المالية عن مفارقة اقتصادية لافتة للنظر، حيث تحوم أسعار الذهب عالمياً حول مستويات متقاربة نسبياً بينما تشهد العملة اليمنية انقساماً صارخاً يصل إلى فوارق تجاوزت 400% بين المناطق المختلفة.
وبحسب آخر التحديثات من أسواق المال العربية، استقر سعر جرام الذهب عيار 24 عند مستويات متجانسة نسبياً، حيث سجل في الإمارات 422.25 درهماً (112.41 دولار)، وفي الكويت 34.150 ديناراً (111.77 دولار)، بينما وصل في المغرب إلى 1006 دراهم (111.84 دولار)، وفي الجزائر 14520 ديناراً (111.77 دولار).
هذا التقارب الملحوظ في أسعار الذهب بالدولار الأمريكي عبر الأسواق العربية يعكس طبيعة المعدن النفيس كأصل عالمي موحد، وهو ما يشكل تناقضاً صارخاً مع الوضع المتشرذم للعملة اليمنية.
في المقابل، تواجه العملة اليمنية واقعاً مختلفاً تماماً، إذ تباينت أسعار صرف الدولار الأمريكي بشكل جذري بين المناطق اليمنية المختلفة. ففي عدن ومأرب، وصل سعر بيع الدولار إلى مستويات 2098 و2099 ريالاً على التوالي، بينما استقر في صنعاء عند 542 ريالاً "قديماً" فقط.
هذا التفاوت الهائل، الذي يبلغ نحو 287% بين الأسعار الرسمية في المناطق المختلفة، يكشف عن تعقيدات الوضع الاقتصادي اليمني وتأثير الانقسام السياسي على السياسات النقدية. وقد ازداد هذا التباين وضوحاً مع استمرار تراجع سعر الريال في عدن ومأرب لليوم الرابع على التوالي.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه المفارقة تسلط الضوء على أهمية الذهب كملاذ آمن في فترات عدم الاستقرار الاقتصادي، حيث يحافظ على قيمته العالمية رغم التقلبات المحلية الحادة في العملات الوطنية. فبينما يضطر اليمنيون للتعامل مع نظامين نقديين متباينين تماماً، يبقى الذهب مرجعاً ثابتاً للقيمة عبر المنطقة.
وتشير البيانات التفصيلية من أسواق الذهب الخليجية والمغاربية إلى أن سعر الأونصة الواحدة تراوح بين 3476-3496 دولاراً أمريكياً، مما يؤكد الانسجام النسبي في تسعير المعدن الثمين رغم اختلاف العملات المحلية والظروف الاقتصادية لكل دولة.
كما تكشف متابعة تطورات الأسعار خلال الأيام العشرة الماضية عن استقرار نسبي في أسواق الذهب العربية، بتقلبات محدودة لا تتجاوز 2-3% في معظم الأسواق، وهو ما يتناقض بشدة مع التذبذبات الحادة التي تشهدها أسعار الصرف في اليمن.
ويعكس هذا الوضع التحديات الجسيمة التي تواجه الاقتصاد اليمني، حيث يؤثر تعدد السياسات النقدية وغياب التنسيق بين السلطات النقدية في المناطق المختلفة على استقرار العملة الوطنية، بينما يستمر الذهب في أداء دوره التقليدي كمخزن للقيمة ومؤشر للاستقرار الاقتصادي العالمي.