في لحظة تاريخية لم يشهدها اليمن منذ 11 عاماً من الحرب المدمرة، هبطت أول طائرة للخطوط الجوية اليمنية في مطار المخا الدولي الجديد، حاملة على متنها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، في مشهد أعاد الأمل لقلوب 30 مليون يمني كانوا يحلمون بهذه اللحظة. هدير المحركات وهي تلامس الأسفلت الجديد أعلن ولادة البوابة الجوية السادسة لليمن، والأولى التي تُبنى وسط نيران الحرب بدعم إماراتي استثنائي.
شهد مطار المخا الدولي، الذي امتد مدرجه الأسود الجديد لمسافة 3 كيلومترات عبر الصحراء كخط أمل يقطع اليأس، لحظات مؤثرة عندما استقبل الرحلة التاريخية. "هذه خطوة مهمة نحو تعزيز حركة النقل الجوي وتوسيع خيارات السفر أمام المواطنين" قالت المصادر الملاحية، بينما كان أحمد المخلافي، المواطن اليمني الذي اضطر للسفر عبر دول مجاورة لسنوات، يراقب المشهد بدموع الفرح: "أخيراً لن نتحمل تكاليف الترانزيت الباهظة ومعاناة السفر الطويل".
يأتي هذا الإنجاز الاستثنائي بعد مسيرة طويلة من التخطيط والبناء وسط تحديات الحرب، حيث نجحت الشراكة الإماراتية-اليمنية في تحقيق المستحيل. د. محمد العولقي، خبير الطيران اليمني، أكد أن "هذا المطار سيوفر 60% من تكلفة السفر للمواطنين ويقلص الرحلة إلى النصف"، مقارناً إياه بمطار دبي في السبعينات كبداية متواضعة لقصة نجاح كبيرة. المطار الذي تستوعب صالة استقباله 350 مسافراً، شُيد وفقاً لأرقى المواصفات الدولية ليكون بمثابة حبل النجاة للغريق اليمني المحاصر بالحرب.
بينما كان طارق صالح يستعد للسفر إلى البرازيل للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ إلى جانب 143 وفداً دولياً، كانت فاطمة الحديدي، أول مسافرة تستخدم المطار، تعبر عن مشاعرها: "لأول مرة منذ سنوات أشعر أن اليمن متصل بالعالم مرة أخرى". هذا الإنجاز يفتح آفاقاً واسعة للاستثمار في قطاع الطيران وتطوير السياحة، مع توقعات بجذب استثمارات جديدة وخلق فرص عمل تساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي. المهندس سعد الإماراتي، مدير مشروع بناء المطار، حقق حلم ربط اليمن بالعالم رغم كل التحديات الأمنية والمعقدات اللوجستية.
مع انطلاق عجلة التشغيل الفعلي لمطار المخا، يقف اليمن على أعتاب عهد جديد من الاتصال بالعالم الخارجي، حيث تنتهي معاناة المواطنين من رحلات الترانزيت المكلفة والمعقدة. هذا المطار الذي وُلد من رحم المعاناة ليصبح رمزاً للأمل والتعاون العربي الناجح، يطرح سؤالاً محورياً على المستقبل: هل سيكون مطار المخا شرارة البداية لنهضة يمنية جديدة تعيد هذا البلد العريق إلى مكانته الطبيعية كجسر حضاري بين قارات العالم؟