كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن تفاصيل صادمة حول العمليات العسكرية السعودية في اليمن، مؤكدة أن المملكة نفذت أكثر من 145 ألف مهمة قتالية واستطلاعية فوق الأراضي اليمنية خلال ثلاث سنوات فقط قبل الهدنة الأممية المعلنة في أبريل 2022، دون أن تتمكن من تحقيق أهدافها الاستراتيجية ضد جماعة الحوثيين.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين سعوديين قولهم إنهم رغم شن هذا العدد الهائل من المهام العسكرية، "ما زالوا عاجزين عن إخراج الحوثي من كهوفه"، في اعتراف صريح بفشل الاستراتيجية العسكرية المكثفة التي اتبعتها الرياض طوال سنوات الصراع.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن جماعة الحوثيين تمكنت من الصمود أمام هذا الكم الهائل من العمليات العسكرية بدعم إيراني، حيث ردوا على السعودية والإمارات باستخدام تقنيات منخفضة التكلفة للطائرات المسيرة والصواريخ، والتي هددت المنشآت النفطية رغم اعتراض معظمها.
وكشفت الصحيفة أن هذه المقذوفات الحوثية قوضت الصورة السائدة عن المدن السعودية والإماراتية كأماكن آمنة للعيش والعمل، مما هدد الإصلاحات الرامية إلى تنويع اقتصاداتهما بعيداً عن النفط. وأضافت أن الحوثيين حولوا هجماتهم لاحقاً إلى استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر وتل أبيب، مُظهرين تضامنهم مع حماس والفلسطينيين.
وبحسب التقرير الأمريكي، فإن مكانة الحوثيين ارتفعت فجأة على المستوى العالمي، حيث استضافهم مسؤولون مصريون في القاهرة مراراً وتكراراً، وطلبوا منهم التوقف عن مهاجمة البضائع وعرضوا المساعدة للحصول على تأييد دبلوماسي مع الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أن الرسالة من الحوثيين كانت دائماً هي نفسها: إنهم لن يخففوا التصعيد إلا إذا أوقفت إسرائيل حربها في غزة. ومع تزايد الإحباط الأمريكي من هجمات الحوثيين، أرسل الرئيس ترامب أسطولاً عسكرياً لمواجهة الجماعة، ولكن بعد خسارة ثلاث طائرات حربية أمريكية في حوادث مؤسفة، أبرم اتفاقاً اتفق فيه الطرفان على عدم مهاجمة بعضهما البعض.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عمانيين شاركوا في التوسط في تلك الهدنة، أن الحوثيين كانوا حريصين على المشاركة في المحادثات، إذ استهدفت الضربات الأمريكية المناطق التي يسيطرون عليها ليلاً ونهاراً، مُلحقة أضراراً بالغة بالبنية التحتية. لكن الولايات المتحدة رأت أيضاً أن الحوثيين يتمتعون بقدرة كافية على الصمود لمواصلة القتال، لذا سعت إلى التوصل إلى اتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنه حتى بعد انتهاء الحرب في غزة، من المتوقع أن يظل الحوثيون يشكلون تحدياً كبيراً وتركيزاً جديداً لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي. وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن زعيم الحوثيين يرى القتال ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وضع حركته على مستوى القوى الأكبر، وهو ما كان يبدو أمراً لا يمكن تصوره عندما أعلن شقيقه لأول مرة مبادئ المجموعة.
وعلق محمد الباشا، المحلل المقيم في الولايات المتحدة والمتخصص في الشأن اليمني، قائلاً: "يعتبر عبد الملك الحوثي نفسه قائداً مختاراً من الله، وقد عززت سلسلة انتصارات الحوثيين الميدانية هذا التصور"، مؤكداً على التحول الجذري في موازين القوى التي كشفت عنها هذه الأرقام المذهلة للعمليات العسكرية الفاشلة.