الرئيسية / محليات / مأساة مزدوجة: 100 ألف يمني بين السيول والجوع يأكلون النباتات البرية للبقاء على قيد الحياة
مأساة مزدوجة: 100 ألف يمني بين السيول والجوع يأكلون النباتات البرية للبقاء على قيد الحياة

مأساة مزدوجة: 100 ألف يمني بين السيول والجوع يأكلون النباتات البرية للبقاء على قيد الحياة

نشر: verified icon بلقيس العمودي 02 سبتمبر 2025 الساعة 09:45 مساءاً

أكثر من 100 ألف يمني يواجهون مأساة مزدوجة لا تُحتمل، حيث تضربهم السيول المدمرة من جهة، بينما يضطرون من جهة أخرى للبحث عن النباتات البرية لإطعام أطفالهم والبقاء على قيد الحياة وسط أزمة جوع مدمرة تفاقمت بفعل الفيضانات الأخيرة.

الأمطار والفيضانات الناجمة عنها دمرتا المنازل والملاجئ المؤقتة (إعلام محلي)

كشفت منظمات إغاثية دولية عن حجم الكارثة الإنسانية التي تعصف باليمن، حيث أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ولجنة الإنقاذ الدولية تضرر أكثر من 100 ألف شخص جراء الفيضانات المفاجئة التي ضربت عدة محافظات يمنية. وفي مشهد مأساوي يجسد عمق المعاناة، اضطرت الأسر المتضررة للجوء إلى البحث عن النباتات البرية كآخر وسيلة لإطعام أطفالهم، بحسب شهادات جمعتها لجنة الإنقاذ الدولية من المتضررين.

وصف إشعياء أوغولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، الوضع بأنه كارثي، مؤكداً أن "بعض السكان أخبروا اللجنة كيف لجأوا إلى البحث عن النباتات البرية لإطعام أطفالهم" بعد أن استنفدوا كل سبل التكيف مع الأزمة المتفاقمة.

الفيضانات المدمرة التي اجتاحت محافظات حجة والحديدة والمحويت وريمة، جرفت المنازل والمحاصيل الزراعية، تاركة آلاف الأسر بلا مأوى أو مصدر رزق. وفي محافظة حجة وحدها، تضررت أكثر من 16 ألف أسرة، بينما فقدت عائلات عدداً من أفرادها جراء الكارثة الطبيعية التي ضاعفت من معاناة شعب يرزح تحت وطأة حرب مستمرة منذ سنوات.

العائلات في اليمن تواجه دماراً كبيراً بسبب الفيضانات (إعلام محلي)

تشكل الأزمة المناخية في اليمن تحدياً مركباً، حيث يواجه البلد ظاهرتين متناقضتين: سيول عنيفة وجفاف شديد في آن واحد. وحذر الدكتور عبدالرقيب العكيشي، مدير وحدة تغير المناخ بوزارة البيئة، من أن التنبؤات المستقبلية تشير إلى زيادة معدلات هطول الأمطار حتى عام 2040 أو 2100، مع ارتفاع معدلات الأمطار المفاجئة والمتطرفة التي تهطل خلال يوم أو يومين بشكل غزير.

في مخيمات النزوح بمحافظة مأرب، سجلت السلطات المحلية مقتل 3 أشخاص وإصابة اثنين آخرين جراء العواصف والأمطار الغزيرة التي ضربت المنطقة خلال أغسطس الماضي. وأشارت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين إلى تضرر 2,944 أسرة، منها 464 أسرة تضررت كلياً، مما يعكس حجم الدمار الذي لحق بالمجتمعات الأكثر هشاشة.

أدت الفيضانات إلى تدمير البنية التحتية الحيوية، شاملة الطرق وخطوط الكهرباء ومرافق المياه والصرف الصحي، مما عزل المجتمعات المحلية عن الخدمات الأساسية وأجبر الآلاف على النزوح مرة أخرى. كما كشفت المياه المتدفقة عن مخلفات الحرب المتفجرة، مما شكل خطراً إضافياً على السكان المدنيين.

السيول تسببت في جرف طرق رئيسية في مناطق يمنية عدة (أ.ف.ب)

تؤثر الكارثة بشكل خاص على الأطفال وكبار السن والأسر النازحة الذين يواجهون خطر تفاقم الجوع، بينما تتعرض المجتمعات المحلية لمخاطر جديدة من الأمراض المنقولة بالمياه. وحذرت لجنة الإنقاذ الدولية من أن آثار هذه الظواهر الجوية المتطرفة تهدد بتعطيل الإنتاج الزراعي وقطع وصول الأسر إلى الأسواق والمساعدات الإنسانية.

استجابت المنظمات الإغاثية بإطلاق عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً، خاصة في محافظات أبين ولحج وتعز وعدن التي تواجه مستويات طوارئ من انعدام الأمن الغذائي. وتقدم فرق الإغاثة مساعدات نقدية وإمدادات أساسية تشمل الفرش والبطانيات وأدوات الطبخ ومستلزمات النظافة للأسر المتضررة.

دعا محمد الحكيمي، مدير مؤسسة حلم أخضر البيئة، إلى اتخاذ خطوات جادة نحو إنشاء مركز وطني موحد للطوارئ المناخية، إضافة إلى وضع خطة وطنية شاملة لتزويد جميع المناطق بالبيانات المناخية وتفعيل أنظمة الإنذار المبكر. وأكد ضرورة إيجاد حلول تسهم في تخفيف آثار التقلبات المناخية ومعاناة شعب أثقلته الحرب وتداعيات البيئة المتغيرة.

مع توقع هطول مزيد من الأمطار الغزيرة، تحذر المنظمات الدولية من أن خطر حدوث المزيد من الفيضانات يهدد بتشريد مزيد من الأسر والتسبب في معاناة إضافية للمجتمعات الضعيفة. وتدعو لجنة الإنقاذ الدولية المجتمع الدولي للتضامن مع الأكثر تضرراً من خلال دعم الاستجابة الإنسانية العاجلة والاستثمارات طويلة الأجل في الزراعة والبنية التحتية وسبل العيش المقاومة لتغير المناخ.

شارك الخبر